ولما جلس الشيخ عمر للتدريس في بريدة بعد وفاة والده أقبل عليه الطلبة الكبار والصغار من جميع النواحي والأقطار النجدية وغيرها، حتى اجتمع عليه خلق كثير لم يسبق لأحد قبله مثلهم حتى والده وشيخه الشيخ محمد بن عبد الله وخاله الشيخ محمد بن عمر بن سليم لم يجتمع عندهما مثل ما اجتمع عنده من الطلبة ذكر لي ذلك الراوية الشيخ سليمان العلي المقبل، ويؤيد ذلك أننا وجدنا أسماء أكثر من خمسمائة طالب علم قد قرؤا عليه بينما لم نجد من تلامذة والده إلا أقل من النصف من هذا العدد، كما لم نجد من تلامذة الشيخ محمد بن عمر بن سليم إلا ثلث هذا العدد أو أقل من ذلك، كما لم نجد من تلامذة الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم إلا أكثر من نصف هذا العدد.
ويليه في كثرة الطلبة من علماء بريدة ابن أخته الشيخ عبد العزيز العبادي، وذكر لي الشيخ سليمان العلي المقبل كما ذكر لي ذلك الوالد رحمه الله أنه قرأ عليه أكثر من خمسين من طلبة العلم كلهم في سن الشيخوخة وهو شاب.
وقد جعل الله في تعليمه البركة وجعل في نفوس الناس له القبول والإقبال، كما جعل الله له هيبة عظيمة لم أرها لأحد غيره ممن عرفت من العلماء وغيرهم.
حدثني قاضي الغطغط الشيخ وايل اليحيى الطريقي أحد تلامذة الشيخ عمر قال: كنت أمشي أنا ونفر معي من كبار طلبة العلم بالقرب من الجامع الكبير ببريدة، فقال أحدنا كلمة أعجبت الجميع فضحكنا، ولكننا فوجئنا بشيخنا الشيخ عمر يخرج من رأس الشارع دون علمنا، فرأنا نضحك فوقف، ووقفنا مبهوتين لا نستطيع التحرك أو الكلام وقال معاتبًا لنا: أهكذا سَمْتُ طلبة العلم؟ فتمنينا أن الأرض ابتلعتنا تلك الساعة وأخذنا أيامًا لا نستطيع النظر إليه أو مقابلته (١).