للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيا عين فابكي واحذري من تكاسل ... وخلي الهوينا أن صبري يضعف

ويا موت زر لا خير لي بعدُ في البقا ... إذا ارتحل الأخيار لِمٌ نتخلَّف؟

إذا أنت اسرعت ارتحال خيارنا ... وأبقيت قومًا ليس في الخير تعرف

فمني على الدنيا السلام جميعها ... ولست على أبنائها أتأسف

لقد حل في ذا العام مفقد عالم ... به حل في أطراف أرض تخوف

فقدنا بهذا العام نجل محمد ... هو ابن سليم الزاهد المتصوف

فقدنا بهذا العام بدر هداية ... فيا عمر من ذاك بعدك يخلف؟

فلو أن فيك الموت يقبل فدية ... لكنت بهذا الأمر للروخ أصرف

فيا عمر أفديك روحي ومهجتي ... فأفعالك الحسنى بنا لا تكيف

فأنت الذي في العلم مدت أناملي ... إليك فعادت بعد مد تكفكف

فحقا وجوه العلم زال جمالها ... وعن جسمها طوي القميص المفَوَّفَ

وحقا فما للفقه بقي مفرع ... وأسماع طلاب له لا تشنف

وحقا طريق المذهب الآن هابه ... جسور بما أبداه أحمد (١) يكلف

وحقا عويصات المسائل أبقيت ... كآي صفات بالتلاوة تتحف

وحقا بكى المغني وكافي وغاية ... واقناعهُم شرحا أراد المصنف (٢)

وحقًا فمغني النحو أصبح مشكلًا ... وكل غريب فيه ليس يعرف (٣)

وحقا فجار الله دق اعتزاله ... ومادس (٤) في كشافة ليس يكشف

وحقًا فلن ينهي مراد نهاية ... عليه غريب فهمه متوقف

فأسيافه في البحث قاطعة الظُّيا ... بها امتاز ما قد صححواو المزيَّفُ

يقوم بإيضاح المسائل جاهدًا ... واشتاتها بعد افتراق تؤلف

له قدم في الفقه سابقة الخطا ... كما في كمال الدين والعقل يوصف

فكم كان يحيي فيه ليلًا كأنما ... يصيد بفخ الفهم درًا ويكنف


(١) أحمد هو الإمام أحمد بن حنبل.
(٢) المغني للموفق ابن قدامة والكافي في الفقه له أيضًا، والغاية لمرعي الحنبلي والإقناع مختصر في الفقه الحنبلي.
(٣) هو (مغني اللبيب، عن كتب الأعاريب) لابن هشام.
(٤) جار الله هو الزمخشري صاحب الكشاف في التفسير.