والتقوى كلمة جامعة تجمع الخير كله من فعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات والمكروهات، على وجه الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى، ووعدهم عليها بتيسير الأمور، وتفريج الكروب قال تعالى:(ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
أيها المسلمون يجب علينا وعليكم مراقبة الله، والمبادرة إلى التقوى في جميع أحوالنا، وحركاتنا وسكناتنا وأعمالنا، فمتى قمنا بهذه التقوى أعطانا الله سبحانه ما رتب على التقوى من تيسير الأمور، وتفريج الكروب، والنجاة في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى عليكم معاشر المسلمين ما لحقنا بسبب إهمالنا للتقوى من قسوة القلوب، والزهد في الآخرة، والإعراض عما خلقنا له، والإقبال على الدنيا، وأسباب تحصيلها بكل وسيلة، من دون تمييز بين ما يحل ويحرم، وانهماك الأكثرين في الشهوات، وأنواع اللهو والغفلة.
فتداركوا معشر المسلمين أنفسكم، وبادروا إلى أداء ما أوجب الله عليكم، من فعل الواجبات، وترك المحرمات، فالله سبحانه لم يخلقنا لجمع حطام الدنيا، والنظر إلى زخارفها الفانية، وإنما خلقنا لأمر عظيم هو عبادته وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه، وهذا هو توحيد الطلب والقصد.
قال الله جل شأنه:(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
فهذه هي الحكمة الشرعية الدينية التي خلقنا لأجلها، فمتى وفقنا لذلك كان ذلك دليلًا على سعادتنا ونجاتنا في الدنيا والآخرة، ومتى أعرضنا عما خلقنا له كان ذلك دليلًا على خسارتنا وهلاكنا.
فتوبوا أيها المسلمون من جميع الذنوب، واعتمدوا عليه وحده، وتوكلوا عليه، فإنه خالقكم ورازقكم، ونواصيكم بيده، لا بيد غيره، ولو أجمع الخلق