ووالدي يسمع: نبي نغديك باكر - يا عبد الكريم - أنت وأبو ناصر يقصد جدي، فقال الأصقه: لا، أنا باكر معزوم لكن خله عقب باكر.
قال والدي: فقال له والدي عندما انصرف الرجل: كيف تقول أنا معزوم باكر؟ من يعزمك؟ لأنه يعرف أن الأصقه ليس من ذوي الثراء الذين يعزمون من أجل مالهم.
فقال: أنا على ما قلت ما اناب معزوم، لكن أبي اتجيوع له، لأن هذا بخيل ماهوب عازمن في حياته إلا هالمرة.
ومعنى اتجيوع له: أجوع قبل ذلك بيومين حتى آكل كل ما يقدمه لي.
قال والدي: وفي الموعد المحدد من ضحى ذلك اليوم دعانا الرجل إلى بيته فوجدنا أهله جهزوا القهوة فتقهوينا ثم أحضر الغداء في صينية موكرة صغيرة مليئة بالتمر الجيد وتحتها غضارة (طاسة) كبيرة مليئة بالسمن، وقال: سموا الله يحييكم.
وهذا هو الغداء فكنا نأخذ التمرة ونغمس رأسها في السمن ونأكلها.
هذا ما كنت أفعله أنا ووالدي، لأننا في خير، أما الأصقه فإنه كان يأخذ التمرتين ويبعد عنهما النواتين ويعمل منهما ما يشبه القدح يغرف به من السمن ويأكله.
والرجل يصفرَّ وجهه ويحمرّ من الحنق، لأنه يفعل ما يفعل بتمره وسمنه، وهو عزيز عليه وعلى أمثاله في ذلك الوقت.
قال والدي: وقد أكلت أنا ووالدي تمرات ثم أبعدنا عنها لأنا بخير ولا نطيق أكل الكثير من السمن.
فقال الأصقه: أنت يا العبودي أنت ولدك جايين من بيتكم متغدين، لكن أنا ما تغديت أبي اتغدى منه.