للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: فأخذ يأكل ويأكل ويواصل الأكل حتى أكل التمر كله، وكانت في السمن بقية لأنه مائع فشربها.

قال والدي: وكان التمر نحو وزنتين، أي ما يعادل ثلاث كيلوات والسمن نحو رطلين على الأقل.

وعندما خرجنا قال الأصقه لوالدي: والله ما يعزمني هذا طول حياته، وأنا هذا أكلي، لكن أنا معي علم أنه ما هوب عازمني مرة ثانية.

وحدثني والدي رحمه الله قال: لما توفي والدي جاءني عبد الكريم الأصقه وقال أنا صديق لوالدك كما تعلم، فقلت له: هذا صحيح، وفهمت منه ما لم يصرح به وهو أنه بحاجة إلى طعام وكان في حياة والدي يدخل بيتنا يعزمه والدي لأنه شاعر، ووالدي شاعر.

فدعوته للعشاء قبل مغرب ذلك اليوم، وقلت لأمي: هذا الأصقه رَجَّال أكول فاستعدي له، قالت: أبي أحط له مدين حب، أي قمح والمدان يعادلان أكثر من كيلوين لأنهما وزنة وثلث والصاع وزنتين.

قال: وكنا في القيظ فاشتريت كميات كثيرة من اللوبا فجعلت أمي هذا الطعام في بادية كبيرة، وأضافت ليه بصلات من رؤؤس البصل غير المقطع، يطبخ قبل ذلك كما هي العادة، وكمية كبيرة من الخلع، وهي بقايا الشحم الذي يؤخذ ودكهـ، لأننا لم نشتر له لحمًا، ودهنته فوق ذلك بسمن كثير، فلما قدمته له أكلت منه معه قليلًا ثم انصرفت وذهبت عنه قليلًا وعدت إليه وهو يأكل حتى أكل كل ما في البادية من الطعام، وكان يكفي لثمانية أو عشرة من أمثالنا.

قال والدي: ثم وجه كلامه بعد أن أفرغ البادية مما فيها إلي يقول: أمك الله يجزاه خير ماهيب من كسر العراقي هالتاليات، هي من الحريم اللي يعرفن