وكم سار نحو البيت حجًّا وعمرة ... يلبي لمن في الناس بالحج ناداه
وممشاه في الدنيا رويدًا لسانه ... عفيف يقول الحق والزور يأباه
عفيف نقي العرض قد زانه التقى ... علامات وجه الخير تبدو بسيماه
سجاياه فيها للقلوب محبة ... وتحلو إذا مرت على الناس ذكراه
على الأرض هونًا إن مشي في طريقه ... ولم تخط يومًا قطُّ للسوء رجلاه
كما غض طرفًا طأطأ الرأس ماشيًا ... فما أبصرت ما حَذر الشرع عيناه
وقد كان في الدنيا إلى الخير مصغيًا ... ولم تستمع يومًا إلى اللغو أدناه
ونفس بفعل الخير لو جاء سائل ... لجادت ولم تبخل وذو الخير يجزاه
وقد لازم الأشياخ للعلم طالبًا ... تأسى بهم علمًا وطابت سجاياه
كما نال علمًا نافعًا كان فضله ... كبيرًا له فهم إذا ما سألناه
وفي خدمة التعليم أفنى شبابه ... بجد وإخلاص بهذا عرفناه
تلاميذه أضحوا شيوخًا كمثله ... لهم من صفات الشيخ ما قد لمسناه
إذا ما صحبت المرة أدركت فضله ... فللشيخ قلب طاهر قد سبرناه
فقدنا أبًا شيخًا كريمًا نُعزه ... ولن يستطيع القلب إن شاء ينساه
سيبقى بهذا الفضل حيًّا بذكره ... يموت الفتى والذكر في الناس أحياه
فبشراكم آل الشقيران إذ بدا ... من الناس ذكر طيب قد سمعناه
يعبِّر عن هذا حشود تدافعت ... على وضعه في القبر لما وصلناه
وظلوا على حاف الضريح وودعوا ... فقيدًا وفاض الدمع لما دفناه
ألا إنما الناس الشهود على الورى ... شهدنا له بالخير لما وجدناه
به يستحق الخير إذ جاء نصه ... صريحًا عن المعصوم كنا قرأناه
فصبرًا على ما قدر الله تغنموا ... وقولوا عسى أن يكرم الله مثواه
ويا رب عند العرض خفف حسابه ... ويارب فليأخذ كتابًا بيمناه
إلهي وأمطر قبرَه وابلَ الرضا ... وعطره بالغفران آمين ربَّاه
فقد صار بيت الله في الأرض مسكنا ... يناجي به ربًا سميعًا لنجواه
له مطلب عالٍ من الله يرتجى ... فيا رب فامنح شيخنا ما ترجاه