ثم رجع بعد أن تيقن من ذهابهم إلى رفقائه، ليدفن من مات، وليحمل من كان حيا، وقد وصل إلى مكة المكرمة سالمًا.
هكذا قال الأشياخ الذين أدركناهم، وقد سجل المؤرخون هذه ومنهم الشيخ إبراهيم بن عيسى الذي ذكرها بتفصيل ونقلنا كلامه عند ذكر (آل أبو عليان) في حرف الألف.
وحدثني حمد بن فهد بن حمد بن ناصر الصقعبي قال: كنت عسكريًا عند فهد البيق (أي البك) بن هذال بالشامية وكان معنا عبود المبارك وعلي بن محمد الرديني ومحمد العطيشان وأخوه عبد العزيز العطيشان في فتيان من أهل بريدة منهم فهد بن عبد الله الفهيد.
فأرسل إلينا منصور بن صالح المنصور الملقب الشقحا وعبد الرحمن الدخيل، وكانا في عسكر الشريف في مكة يطلبون أن نأتي عندهم في مكة للعمل في الجندية غير أن ابن هذال امتنع أن يأذن لي وجعلني أميرًا في شثاثا والرحالية، وقال: تبقي فيها لمدة شهر ولم أكن أرغب فيها ولكنني لم أستطع الرفض فقبلتها لمدة شهر واحد غير أنها امتدت لمدة سنة وشهرين، وذلك لأن قاضي البلدة وهو بغدادي وأهلها كانوا يكتبون لإبقائي عندهم.
وبعد هذه المدة تركتها وتركت الجندية وسافرت إلى الكويت، واشتغلت في الغوص في البحر غير أن الدنيا لم تسعفني فلم أكن أملك إلَّا سبع جنيهات ذهبية اشتريت بها أغراضا وأرسلتها إلى خالي والد امرأتي في بريدة سليمان الدخيل فاستقلها فقلت:
يا خال كثرت المراسيل واللَّوْم ... يا حيف ما هذي سواة القرابة
خليتني يا خال ما اداني النوم ... حِرِّ كوي كبدي ولا أحدٍ دري به
يا الله يا فراج ضيقات وهموم ... تفرج عن القلب المشقَى عذابه