فقال له صديقه: ماذا عملت معه، فأخبره بما قاله له: وكيف ارتبك الرجل وظهرت عليه معالم الخوف فما كان من صديقه إلَّا أن استلقي على ظهره من الضحك وقال لحمده وأيضًا عشاك عندي على حسن تصرفك وإخراجي من ورطتي.
وفعلًا عاش الحداد سنين طويلة في دكانه هذا لم ير صاحب البندقية (١).
ومنهم سليمان بن إبراهيم الصقعبي كان من كبار تجار عقيل الذين هم تجار المواشي بين القصيم والشام ومصر، بل من مشاهيرهم.
وبعد أن انتهى عصر التجارة في المواشي بسبب قيام دولة اليهود حاجزًا في الطريق البري بين المملكة ومصر صار فلاحًا في الصوير شرق بريدة.
وابنه إبراهيم كان درس عندنا في المدرسة المنصورية في بريدة، ثم بدأ يطلب العلم على الشيخ المؤرخ إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن، ولكنه مات شابًّا فرثاه الشيخ إبراهيم العبيد بقصيدة منها:
رأيتك في الدنيا مقيمًا وواثقًا ... تروح وتغدو ناسيًا كل نازل
تعمر دارًا آذنت برحيلها ... وتصرخ في ويلاتها بالزلازل
أما قد تراها في شتات وخدعة ... تغر ذويها بالخداع إلا باطل
تذيق محبا من حلاوة شهدها ... وفي طيها سم لها كالحبائل
ألم ترها ترقي ذوي الحب رتبه ... فترميهمو من شاهقات المعاقل
لك الله ما طابت فترضى بموطيء ... وقلبك مشغوف على غير حاصل
تجر الدواهي والبلايا خطوبها ... ويسأمها هل النهى والفضائل
بنفسي وأهلي من حبيب مفارق ... اديب نجيب ماهر في المسائل
فلو أن الموت يقبل فدية ... لكنا بها نسعى سريعًا بعاجل
(١) سواليف المجالس، ج ٩، ص ٥٦ - ٥٨.