لقد كنت أردد دائمًا بيني وبين نفسي أن للشيخ إبراهيم أعظم الأثر في بناء ذاتي علميًّا وثقافيًّا لأنه كان مثلًا ماثلًا أمامي في حرصه على الكتاب وافتخاره بما تحويه مكتبته العامرة وأهمية القراءة في حياته، والارتباط بالعالم من حوله عبر الحرف المقروء إن كان في شكل إصدار جديد أو صحيفة أو مجلة دورية.
كان ذلك منذ أمد بعيد حين كانت القراءة ترفًا وهمًّا لمن لا هم له في وقت تعز فيه اللقمة، والعوز هو القاعدة.
وللشيخ إبراهيم الضبيعي - رحمه الله - مآثر كثيرة وصفات حميدة فهو أولًا على عظم اهتماماته العلمية وتلهفه القرائي كان صاحب شخصية محبوبة لا تعرف للتعالي طريقًا، التواضع سمته، والابتسامة عنوانه، والاجتماع والإلفة غايته.
وهو صاحب مجلس عامر منذ عرفته ووعيت على الدنيا في منزله طفلًا صغيرًا قائدًا لوالدي رفيقه في طريق العلم والغربة وعوز الحياة و (دار الإخوان) واشتراكهما كذلك في ابتلاء المولى لهما في (كف البصر).
كان مجلسه مجلس علم وقراءة وجديد ولكن بدون رتابة وحزم، لا يخلو حديثه من القفشات والنكات والطرائف غير المبتذلة وكان له - رحمه الله - قدرة عجيبة على جذب الأنظار وأسر الإعجاب وكسب القلوب، ولم تخل حياته من الهم العلمي والإنتاج الفكري فانصرف - رحمه الله - مبكرًا لاستغلال ما وهبه الله من حب المعرفة وجمع مصادرها الخفيفة والثقيلة، فاتجه إلى التأليف والإنتاج العلمي، وقد رأيت عندما كانت الحياة وقتها صغيرة تجمعنا، ثم ما كان يتفضل بإهدائه لي عن بعد، بعدما تباعدت الأجساد وانقطع التواصل المباشر.
أقول كنت أرى على كل إصدار التجديد في العرض والبعد عن التقليد في الطرح، كنت ألمح شيئًا مهمًّا قلَّ أن نجده في هذا العصر وهو العرض المبني على أعمال العقل، لا مجرد النقل والتجميع وهو طابع حركة التأليف المعاصر، فقد كان -