لقد كان يبحث بحث المتخصص في هذا العلم لا المطلع عليه، أو العالم به فقط.
إن عندنا عبقريات ولكنها مؤودة قد وأدها الجهل وعدم التشجيع والتوجيه الصالح.
ومع ذلك يقولون: ما العلة في تأخرنا نحن العرب؟ إنها هي الجهل، الجهل أم المصائب كلها، كالخمر أم الخبائث، الجهل بالمنفعة حتى تحسبها مضرة.
ثم بعد ذلك نبتهج بإتياننا الضار وتركنا النافع، ونرى أننا على حق في ذلك حتى ندافع عنه بكل ما أوتينا من الجهود التي ينبغي أن نوجهها إلى ما ينفعنا لا إلى ما يضرنا، ولقد صدق الشاعر:
يقضي على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن
ولست هنا بصدد كتابة مقالة أو بحث أو استفاضة في وصف شعور، وإنما أريد هنا في هذه الوريقة أن أقول إنني اكتشفت في مجاهل الجهل ناحية من نواحي كنوزنا الدفينة هي (عبقرية) أرضنا وعبقرية رجالنا الغير متعلمين في عرف الناس، وإن كنت أنا أصر على أنهم أنفع للبلد من المتعلمين في نظرهم الذين لا يعدو علمهم أن يكون نظرات جمع نظرة لا نظرية في كتاب نصبوها شركا لتحصيل ورقة الشهادة كجواز سفر إلى محطة الوظائف ومن هناك يلتقون بإخوانهم الجهال الغير متعلمين فيدورون في فلكهم، وينتزعون الاحترام منهم بطريقة غير قانونية، وبوسيلة زائفة.
اكتشفت كل هذا في هذه الرحلة القدمية.
وبعد المغرب رجعنا إلى بريدة بروح غير الروح التي خرجنا بها منها كأنما انتصرنا على اليأس والقنوط. انتهى.