وكانت الحكومة قبل ذلك قد درجت على اختيار عدد محدود من طلبة العلم وإرسالهم إلى تهامة وعسير لشغل وظائف القضاء والإرشاد الديني وتهامة خاصة بلاد وبيئة آنذاك فيلاقون من ذلك مشقة إضافية إلى البعد عن الأهل والأقارب، وعدم المغريات المالية.
لأن الدولة نفسها لم تكن بذات يسار في تلك الأزمان، وسوف يأتي - فيما بعد - بيان أسماء دفعة من أمثال طلبة العلم هؤلاء أرسلوا في عام ١٣٤٥ هـ إلى تلك الجهات.
ولما قدمت هذه اللجنة المؤلفة من الشيخ عبد الله بن عامر والشيخ محمد بن راشد إلى بريدة لم يستطيعوا أن يفهموا النّاس بالغرض من اختيار الأولاد هؤلاء وإرسالهم بالقوة إلى الطائف.
بل اختاروا عددًا منهم وأخذوهم قهرا عن أهلهم وذويهم لما يعرفونه من القصد الحسن لهذا العمل ولأن ذلك فيه المصلحة لهم قبل غيرهم، وللبلاد عامة بعد ذلك، فضج النّاس في بريدة وقالوا:(يبون يأخذون عيالنا يعلمونهم ثم يروحونهم لليمن).
يريدون تهامة وعسير في الجنوب.
وبعض أهل بريدة حمل على الشيخ ابن عامر لكونه من أهلها واستكثروا ذلك منه مع أنّه يستحق الثناء والدعاء.
فكان من النظم بالفصحى قصيدة للشيخ إبراهيم بن عبيد العبد المحسن حول هذا الموضوع، وهو نظم كان يعجب النّاس آنذاك بالنسبة إلى مستوى الشعر في الفصحى في ذلك الوقت ومنها قوله: في تاريخ الرحيل بالأولاد من بريدة، وإن كان لم يصرح باسم ابن عامر:
ففي رابع الستين حَلَّ مصائب ... وأوجال همٌ في القلوب الشواغل
بيوم الأحَد في غرة من مُسدس ... ثلاث مئين بعد ألف لناقل