وسوف نذكر في أذهاننا - بعد ذلك - بعض الغزوات التي قام بها آل سعود بموافقة بل بموازرة علمية من الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وهي تذكر وتعلن أن حكمهم قام على نصر السنة، وقمع البدعة، وأنه يحكم الشرع الشريف، وذلك صحيح الصحة كلها، يعرف به كل من عرف حالة البلاد النجدية قبلهم، ويعرفه لهم أيضًا من عرف ما آلت إليه حالة البلاد بعد أن نكبوا في الدرعية.
والمهم أيضًا في الإدارة أنها قامت على إشاعة العدل، وكف القوي عن الاعتداء على الضيف، وذلك بعد أن كان أهل نجد يتقاتلون فيما بينهم فيقاتل الجار جاره، وتغير القبيلة على القبيلة الأخرى، فكفهم هذا الحكم الإسلامي الإصلاحي حتى صاروا لا يستطيع أحد أن يأخذ من أحد شيئًا إلا بما يأمر به الشرع الشريف.
وكان القضاة في عهد آل سعود حتى عهد حكم الملك عبد العزيز أمثلة للنزاهة والعفاف والورع، لم يكن يتطرق إليهم شك في ذلك.
وقد أدركنا طرفًا من ذلك، فلم نسمع أي قدح في أي عالم من هذا النوع، وإنما كان القدح ينصب في بعض الأحيان على كون المشايخ يبعدون من يخالفونهم في آرائهم عن وظائف القضاء والإرشاد وإمامة المساجد.
أما الفريق الثاني فريق (الدريبي) ومن معه من آل أبو عليان فإنهم عرفوا بخلافهم مع الحكم السعودي الناشيء في الدرعية، ولذلك حصلت وقائع بينهم عديدة ذكرها المؤرخون وهي مذكورة في بابها من هذا الكتاب، وكان الدريبي أيضًا يتقرب ويتقارب من أعداء آل سعود السياسيين في شرق الجزيرة مثل آل عريعر، وذلك بعد أن جرب راشد الدريبي التقارب من آل سعود ولكنه لم يرد السير في ذلك، حسبما ارتآه لنفسه، وسوف يأتي الكلام على ذلك عند الكلام على إمارة راشد المذكور من (أمراء آل أبو عليان).
وهذا يكاد يكون أمرًا مسلمًا به، بل هو مسلم به طيلة تلك الدولة