وكان والدنا يعجب من كثرة اجتهاده وحلاوة منطقه، ولما رآه بهذه المثابة فرغ باله عن الأشغال وتركه وشأنه مكفي المؤنة فلازم الشيخ عمر بن محمد بن سليم وتخرج عليه واستمسك بغرزه حضرًا وسفرًا حتى صار آية من آيات الله، وأعجب به شيخه ورأى علامات القبول لائحة عليه، وتوفي وهو مصاحب للشيخ المذكور في الأرطاوية.
وكان مولعًا بتلاوة القرآن ودرس كتب الصحاح والسنن والمسانيد واللغة والعروض.
وهذه صفته رحمه الله: كان قوي البنية ربعة من الرجال يميل إلى الطول أسمر اللون على وجهه أثر الجدري وإحدى عينيه فيها نكتة بيضاء، قوي الإرادة شجاعًا، ولقد جرى له مع الشريف حسين بن علي قصة وهي أنه حج في رفقة الشيخ عمر بن سليم فبينما هو راكب في بعض شوارع مكة المشرفة وقد ازدحمت الشوارع بالحجيج وافق أن نفحت ناقته صبيًّا برجلها من غير قصده ولا علمه فما كان إلا قليل حتى أخذ وناقته صباحًا ورفعت المسئلة للحسين، فلما علم أن صاحبها سعودي دعي به إليه ليسأله عن القصة، ولما أن جلس بين يديه وتكلم عرف ما تحت الأديم من لسان بليغ وقلب عقول فأعجب بكلامه وملأ عينيه فعندها أخذ في البحث معه والمناقشة، وكل إناء بالذي فيه ينضح فسأله عن مشايخه وأساتذته فأخبره بأنهم آل سليم الذين أخذوا العلم عن آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأجابه الحسين بقوله لعنهم الله لقد أضلوكم سواء السبيل، فقال له عبد الرحمن لا تلعنهم فإنهم على تحقيق شريعة جدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا لم نتبعهم لحسن لباسهم ولا لطيب أنسابهم فأكرم الخلق عند الله أتقاهم ولكننا وجدنا عندهم الشرع المحمدي فأخذناه عنهم،