فقال له أخبرني يا بني عن التوسل وبغضهم للرسول فقال:
أما التوسل فعلي ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توسل إلى الله بأسمائه وصفاته فهذا مطلوب ومندوب إليه حيث يقول الله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وتوسل بالأعمال الصالحة كما فعله أهل الغار فهذا جائز، وتوسل بذوات الأموات فهذا شرك وضلال.
وأما بغضهم للرسول فحاشا وكلا إنهم لم يبغضوا الرسول، بل كانوا يرون الصلاة عليه في الصلوات الخمس والنوافل فريضة ولا تصح صلاة من لا يصلي عليه فيها، وأنتم ترونها سنة فأصبح تعظيمهم له أعظم من تعظيمكم واحترامكم، أما دعاؤه وسؤاله الحاجات فغير مشروع.
ثم إنه دعا الشريف بطعام الغداء، وقدم لذلك المأكولات قائلًا اطعموا ضيفنا من غداءنا تقدم أيها الشيخ للغداء فاطعم معنا، وكان رحمه الله قد غاب عن رفقته وتأخر عنهم، ولم يعلموا بما صدر منه، ولا بغيابه فقال له يا حضرة الأمير إن كرامة النفس فيما يلائمها ويوافقها وأنا لا يعجبني هذا الطعام.
فأجابه الشريف قائلًا: وما طعامكم؟
فذكر له أن العجين يجعل أقراصًا فيلقى في الماء بعدما يغلي فيخرج من ذلك المرقوق وهو الذي يعجبني، فضحك لذلك الشريف ضحكًا شديدًا وقال هل تريد الذهاب إلى رفقتك فإنك علينا لعزيز، قدم طلب ما تريده منا فأجاب قائلًا: أريد بعيري والذهاب إلى رفقتي الذين لم يعلموا كيف حالتي فأمر خادمًا أن يذهب به إلى ناقته التي قدم لها البرسيم إكرامًا لصاحبها وشيعه مودعًا فأخذ بخطامها وعاد إلى رفقته مصحوبًا بالسلامة.
ومن العجب أنه لم يخبر الشيخ والزملاء إلا بعد رجوعه إلى بريدة لما جلسوا