ومنهم الشيخ الشهير الواعظ القدير، الذي ربي جيلًا من الطلاب بعد جيل، بالقول والفعل، وليس له في ذلك من نظير.
فهد بن عبيد بن عبد المحسن أحد طلبة العلم الأقوياء بشخصيته، ذوي الطبيعة الخاصة في معاملة الناس، وله ولع عظيم بالتاريخ الحاضر وبجمع المخطوطات والرسائل والقصائد، بل تدوين الحوادث تدوينًا عاجلًا دون تبسيط، وكان يفعل ذلك دون أن يكون له تاريخ كامل مُبَّوبٌ، وإنما كان يكتب ذلك في أوراق صغيرة يلقيها في محفظة لديه يكتبها كما كان الأقدمون يسمونها (دَشتًا) جمعها دشوت، وله شعر من شعر الفقهاء، ونثر جيد بالنسبة إلى نثر الناس في ذلك العهد وبالنسبة إلى كونه لم يقرأ كتب الأدب الفني من شعره قوله في المناجاة:
ونقلته من خطه:
ولما دجى ليل الشدائد والبلا ... تيممت فردا يكشف الضر والبلوى
حططت لرحلي عند بابك سيدي ... فلا حيلة أرجو سواك ولا دعوى
توسلت بالتوحيد يا رب مخلصًا ... وأوصافك العليا وأسمائك الحسنى
أُناديك ربي، دائم الملك والبقا ... تعاليت يا من يسمع السر والنجوى
أخاف وأرجو تارة متملقًا ... وحبك يا مولى الورى الغاية القصوى
فأنت إله الكون تفعل ما تشا ... لك الأمر والتدبير في السِّرِّ والنجوي
الهي إلهي، جل ذكرك سيدي ... الهي فجنبني المهالك والأهوا
إلهي فآمن روعتي ومخافتي ... مديمًا على الأطلال قد باح بالشكوى
بك اللهم يا رب انزلت حاجتي ... فأنت محط الرحل في الدين والدنيا
لك الفضل والإحسان والحمد كله ... لك الحكم في الدنيا كذلك في الأخرى
وصل وسلم يا إلهي وسيدي ... على المصطفى والصحب والآل ذي التقوى
لقد كانت مرثيتي للشيخ عبد المحسن فاتحة باب للمراسلة بيني وبين الشيخ فهد أخيه، رغم كوننا نعيش في بلدة واحدة، هي مدينة بريدة.