والحال كذلك ولكن لما طال العهد وبعدت القلوب عن منهج النبوة وأقفرت القلوب وأجدبت من غيث الوحيين قامت النفس تذمذم وتنافس أبناء الدنيا وتطلب مألوفاتها ومشتهياتها وأنا ودي يا محب إذا جاء الخط منك يكون خطًّا مبسوطًا يجلي عن القلب غشاه ويشحذ الخاطر ويقر الناظر، أنظر إلى مريم حين أقر الله قلبها بعيسى وهو ولد يفنى وتقوى الله والمناصحة هي التي لا تفنى، ومصلحتها بالدنيا والآخرة.
هذا ما دار بالبال، وسنح بالخيال رافعا يدي بالذل والضراعة إلى سامع دبيب النملة على متن الصخرة في الليلة المدلهمة أن يجعلك من الذين إذا أعطي أحدهم شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر، واستغفر الله العظيم مما جناه اللسان وأخطأ الجنان أو زل به البنان فإنني محل العيب والنقص والخلل، ولكن تبارك الذي سترني ونشر علي كنفه حتى لا يطلع علي عدو يحاربني أو منافق يبغضني، والواقع بعض عقوبات ذنوب، وما يعفو الله عنه أكبر وأعظم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولم تخل رسائل الشيخ فهد العبيد إلي من عتاب مثلما يكون بين الأصحاب.
فتلك رسالة مؤرخة في ١٠/ ١/ ١٤٦٦ هـ.
استهلها الشيخ فهد بالدعاء والتحية كما هي عادته، وبعدها الوصية بتقوى الله والخوف من الذنوب السابقة والوجل من الأمور اللاحقة.
ثم العتاب على عدم اتصال المكاتبة مع ما ذكره من أنه يعرف عني إسهاب الكلام والتحبير من القول ما هو أحلى من قطر الغمام.
ثم دخل في موضوع العتاب الرئيسي وهو المتعلق بالكتاب ومن ذلك البطء في إيجاز نسخ الكتاب، وكنت نسخت له نسخًا من عدة كتب منها