أما في عام ١٣٦٦ هـ فقد بلغت الحادية والعشرين وصار التطلع إلى الزواج وما يحتاج إليه من نفقة يطرأ على خاطري أحيانًا، إضافة إلى الاضطلاع بنفقات البيت أو جزء منها.
وعندما التحقت بالتدريس في مديرية المعارف العامة قبل أن تصبح وزارة لم أذهب إلى الشيخ فهد العبيد لأنني أعرف نكيره على من يعمل في مثل هذه الوظيفة الحكومية، ويطالع الجرائد، ويجالس الذين لا يوفرون لحاهم.
فانقطعت عنه كلية وبدون مقدمات
وقال لي خالي صالح بن موسى العضيب وهو طالب علم مجيد: إن فهد العبيد سألني عنك، فقلت له: إنك بخير.
فقال: ما رأيته منذ مدة طويلة، ربما كان يظن أنني سأبحث معه في أن يترك المدرسة، وأنا لو رحت أنا وإياه إلى المريدسية مشيًا على رجلينا ما كلمته عن المدرسة ولا كلمة.
ومضت السنون تتلوها السنون وأنا لم أره، فضلًا عن أن أجلس إليه، وذلك الانشغالي بالوظائف، ثم بالعمل في خارج بريدة في المدينة المنورة أولًا ثم في الرياض بعدها مكة المكرمة حتى أتي على ذلك ما زاد على خمسين سنة.
فرأيت زيارته قيامًا بواجب الزيارة له.
فزرت فهد بن عبيد صباح يوم الأحد ٢٧/ ٥/ ١٤٢١ هـ وكان لا يزال ساكنًا في بيت من الطين، وذلك مع طلوع الشمس لأنه الوقت الذي لا يكون عنده كثير من الناس، فرأيته مكبًا على تلاوة القرآن من المصحف، ورأيته كما عهدته منذ آخر مرة رأيته فيها، واجتمعت به قبل ٥٠ سنة، إلَّا أنه كان جالسًا مطاطئًا رأسه ولم يقم، وقد هده الكبر، ومع ذلك تبدو بشرته ونظرات عينيه كما لو كان ابن ستين سنة مع أنه ناهز المائة، والذي أعرفه من قبل أنه ولد في عام ١٣٢٢ هـ غير أن