وأخذ والدي معه مؤونة السفر حبًّا من حبوب القهوة وضعها في مخباته ومخباته على صدره وليست في الجنب من ثوبه وأخذ هيلًا صره في طرف شماغه بهارًا للقهوة وأخذ يبيسًا من السكري ليس فيه دبس ويخيل إليَّ أنه أخذ قرصًا أو أقراصًا من الكليجا لنا ولست متأكدًا من ذلك.
وأهم من ذلك أنه أكد عليَّ أن آخذ (نعالي) وهي صغيرة ذاكرًا أنها لا بد منها عن الشوك والحصا الصغار.
سرنا وأنا أشعر بسعادة بالغة حتى وصلنا (أبو خشرم) في مكان له كالفلاحة الصغيرة في (الجريه) وقد عرف مكانه بعد ذلك بمكان الخشرم، حيث بيعت أرضه واتخذت استراحات.
ولم يكن في طريقنا إليه أي أثر من آثار الحياة، إذ كان خروجنا من باب العقدة وهي السور الشمالي حيث بيتنا قريب منه حتى وصلنا (جفر الحمد) التي فيها الآن مقر بلدية بريدة، ثم اتجهنا شمالًا وعطفنا يسارًا حتى وصلنا محل أبو خشرم.
وجدنا الرجل جالسًا في حظار وسط الفلاحة وهذا فيه شيء من التجوز لأنه لم يكن يعتمد على نتيجة من المحصول لأن ذلك يتطلب عملًا كثيرًا وعمالًا وإنما كان يعتمد على غنمات له ولغيره ممن يعطونه غنمهم لترعى عنده، ويعطونه مقابل ذلك أجرة سنوية هي ريال أو نصف ريال على كل رأس من الغنم.
وقد سر الرجل غاية السرور بدخول والدي عليه وهو صديقه الحميم من دون موعد سابق ويخيل إليَّ أنه بكى من الفرح، لأنه كان إذا دخل إلى بريدة زار والدي ولكنه الآن مقعد لا يستطيع النهوض وصار يشير إلى ساقيه ويقول لوالدي: جاهن أمر من الله، وصارن كأنهن ماهن معي.
كان أول ما فعله بعد السلام أن أوقد النار في الوجار داخل الحظار، وكان كل شيء في جسمه طبيعيًا فكان يعمل إذا جلس وكانما ليس به بأس، ثم