ولكن عدوان أمسك به من وراء الخرقة ثم أخذه بيده وأسرع بكسر إحدى رجليه، فصار الجربوع ينقز أي يقفز على رجل واحدة ولذا لا يستطيع البعد عنا، وأخذت الجربوع بنشوة وفرح، إلى أن لاحظ أبو خشرم أنني قد مللت منه فأمر ابنه عدوان أن يذبحه ويشويه لي.
لا أدري بالطبع ماذا قال والدي وصديقه أبو خشرم ولا أذكر بالضبط ماذا قدموا في الغداء وظني أنهم قدموا تمرًا ومراصيع ولبنًا.
وبعد العصر ودعهم والدي ورجعنا إلى بريدة.
والواقع أن والدي لم يقل لي ولا بعد ذلك أن (أبو خشرم) هو ابن أمير بريدة السابق عبد الله بن عبدوان ولا أنه من آل أبو عليان رغم معرفته بذلك، وإنما ذكر لي أنه صديقه وأنه صار لا يستطيع أن يراه في بريدة فذهب الزيارته ولا شك أنه لا يضع اعتبارًا لمثل هذه الأمور لدى طفل صغير.
وبعد مضي نحو السنتين بلغتنا وفاة أبو خشرم في (الحظار) نفسه الذي وجدناه فيه، وقد علا وجه والدي الآسى لذلك ثم صار ابنه عدوان يوضح له ما حصل لوالده رحمه الله.
فقال: كان والدي في الحظار الذي تعرفه وهو كالمنزل من عسبان النخل وخوصها مدعمًا بأخشاب من خشب الأثل، وكان داخل ذلك الحظار كما رأيته أنا قبل ذلك وجار يسوي فيه القهوة ومرة كان (أبو خشرم) يسوي القهوة على نار من الحطب الذي كان خفيفًا لأن فيه سعفًا وجذامير وهو أصول عسبان النخل هبت ريح قوية فأطارت شرارة من النار على جانب الحظار الذي هو فيه، فاشتعلت النار بالحظار وكان أبو خشرم مقعدًا لا يستطيع السير، فلم يستطع الهرب من النار، ولم يكن بقربه أحد، فمات ولا أدري أذلك من حرق النار أم كان موته اختناقًا من دخانها رحمه الله وحشره في زمرة الشهداء لأن الميت