ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن سليمان ابن بطي الملقب بابي مُسدَّد، كان له ابنان أحدهما اسمه مسَّدد والآخر اسمه مُوفَق، وهذان لقبان لقبهما بهما تفاؤلًا وتيمنا، وإلا فإن الاسم الحقيقي لمسدد هو عبد الله ولموفق هو إبراهيم.
وكان (أبو مسدد) يجوب القرى والبلدان ومعه ابناه (مُسَدَّد) و (موفَق) يذِّكر الناس في كل بلد نزل فيه، ويعظ فيصغي له الناس لبلاغته وصدق الهجته، ولمظهره الذي يدل على مظهر العالم الناسك فكان يلازم العمامة ويكثر من النوافل في الصلاة وغيرها.
وكانت له طريقة فريدة في الوعظ والإرشاد، إذ كان يأتي البلدة فيكون مصلاه في المسجد خلف الإمام مباشرة ويكون ابنه مسدد في أيمن الصف، وابنه (موفق) في أيسر الصف فيبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم مقدمة حديثه ويقول لابنه في أيمن الصف: إقرأ يا مسدد فيقرأ شيئًا من القرآن أو الحديث يأخذ والده بعد ذلك بتفسيره والتعليق عليه، ثم يأمر (موفقا) كذلك ولم يكن يرتاح في المدن، ولم يكن يبالي بالسفر، بل كان هذا دأبه، وكان أكثر سفره على حمار بالنسبة إلى القرى والبلدان في قاعدة البلد الذي يحل فيه.
وكان أبو مسدَّد هذا من طلبة العلم المتشددين الذين ينكرون على المشايخ ما رأوه تساهلا منهم في الدين فهو من طائفة عيسى الملاحي وأبي حماد عبد الله بن حماد الرسي.
وكان إلى جانب تشدده في الأخذ بأمور الدين شديد التحرز والبعد عما يراه غير مستحب في الدين.
بل إنه كان ينفر من اتخاذ بعض المباحات حذرا من ذلك.