للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمشكلة تعود في بعض أجزائها إلى اغترار بعض المسلمين بانتسابهم، ووقوفهم عنده يظن أن مجرد الحصول على الصفة أو اللقب يعيضهم عن الالتزام والتقيد بمقتضى الشريعة.

أو أن حصوله على جانب من الصلاح يعفيه عن استكمال النقص أو قبول النصيحة.

ولقد نعى الله - سبحانه وتعالى - على أهل الكتاب مثل هذا المعنى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} المائدة: ١٨.

يقول حذيفة - رضي الله عنه - (نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل إن كان لهم المر ولكم الحلو) يعني أن الأشياء التي حكاها الله - سبحانه وتعالى - عن اليهود أو النصارى، وحذر منها، وعابهم عليها، هي حق عليهم وحق عليكم، وإلا لما حكاها لنا، وإنما ذكرها الله لنا للاعتبار، ولهذا قال - سبحانه وتعالى - بعدما ذكر قصة بني النظير: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} الحشر: ٢، والاعتبار هو: القياس، والنظر، وربط الشيء بمثله، فإذا كان الله سبحانه وتعالى - يعيب على أهل الكتاب من قبلنا ألوانًا من المخالفات والانحرافات، فما ذلك إلا لنتجنبها، ولهذا كان مما يقرؤه المسلم في كل صلاة، بل في كل ركعة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} الفاتحة ٦ - ٧.

يقول العلماء: المغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصاري، وهذا ليس قصرًا للآية على هؤلاء، وإنما هو من التفسير بالمثال أي من كان عنده علم، وعنده صدق في تصوراته، ولكن لم يكن عنده عمل، فهذا فيه نسبة من المغضوب عليهم، ومن لم يكن عنده تصور، وإنما عنده عمل على غير