وقد بقي في سجن ابن جلوي في الأحساء معتقلا في سجن يسمى (دَبَّاب إبراهيم) ويقول العامة: إنه بقي سجينًا مضيقًا عليه، وقد يدل على ذلك بعض ما جاء في شعره من تلك الفترة وخاصة في توبته.
ولكن العارفين بحقيقة الأمر يقولون: إنه معتقل أي ليس في رجليه قيود، ولا يوجه إليه ضغط، إلَّا أنه ممنوع من مغادرة مكان اعتقاله، وقد أجرى عليه ابن جلوي ما يحتاجه من طعام أو شراب.
حدثني الأمير سعود بن هذلول - أمير القصيم سابقًا - قال: كنت في الأحساء وكنت شابًا اسمع بالعوني ولم أره، فقلت لصديقي فهد بن الأمير عبد الله بن جلوي أمير الأحساء وكان في مثل سني: نحب نشوف العوني، فذهبنا معًا إلى الحباس وهو السجان المسؤول عن سجن العوني، فذكرنا له ذلك، فقال: احسن تشوفونه بعد العصر، وكان من العادة المقررة له أن ترسل له بعد صلاة العصر دلة صفراء مليانة قهوة مبهرة بالهيل، يخرجون العوني من غرفة السجن إلى مكان بجانبها مكشوف داخل السجن فيصب له أحدهم من الدلة حتى يشرب القهوة كلها.
قال: فرأينا العوني ويظهر أن فهد بن جلوي مثلي لم يره من قبل، فرأيناه رجلًا معتدل الجسم في وجهه طول، وعليه سمرة خفيفة ندية أي ليس أشهب الوجه ولا مغبره، فأراد السجان أن يثيره أمامنا لنتفرج بذلك فملأ فنجال القهوة له، فغضب غضبًا شديدًا ونثر الفنجال بالأرض ولم يشربه، وقال: ما يملأ الفنجال من القهوة إلا للثور.
وذلك من عادة الذين يشربون القهوة من كبار القوم أن يصبوا في الفنجال قليلًا منها يترشفه الشارب ترشفًا، وإذا لم يكتفوا بواحد أو اثنين أو حتى عشرة زادوا من القهوة حتى يكتفوا.