على شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد في المسجد الجامع في بريدة، في كتاب (مروج الذهب) للمسعودي، وذلك أن الشيخ عبد الله كان يدرسنا درسًا يوميًا في الفرائض والنحو في حلقة في المسجد بعد المغرب، ثم يبقى وقت قبل أذان العشاء، أو مع أذان العشاء أقرأ عليه في كتاب المسعودي من باب تنويع المعرفة والترويح النفسي بأخبار الأولين، وكنت أفرغ عادة بعد الأذان بخمس دقائق أو ثلاث فيبدأ الشيخ عبد الله الرشيد الفرج القراءة على الجماعة حتى الإقامة.
وكان المسعودي يذكر في أول كتابه ملوك الأمم القديمة ويبالغ في طول أعمار ملوكهم، فبعضهم يكون عمره حسبما يقول ألف عام، وبعضهم ستمائة عام وبعضهم خمسمائة أو أقل من ذلك قليلًا.
هذا والناس يسمعون، وفهد العيسى يأتي مستمعًا للدرس على الشيخ عبد الله بن حميد ويظل حتى انتهاء صلاة العشاء.
فقال لي مرة بعد الصلاة: يا محمد، كيف الأولين أعمارهم بها الطول ونحن أعمارنا ستين، سبعين؟ وش السبب؟
فقلت له صادقًا: لا أدري.
فقال: أنا الذي أدري، أنت ما سمعت المثل الذي يقول:(الأول لاعب والتالي تاعب) الناس الأولين جوا والأعمار كثيرة غضف فصارت أعمارهم كثيرة والتالين جَوْا والأعمار قليلة وهم كثير فصارت الأعمار عليهم ورار! ! !
غضف: كثيرة، والورار توزيع الشيء القليل على العدد الكثير.
وقد تكلم بالعامية هنا من باب تمليح النكتة وإلا فإنه عليم باللغة كما هو معروف.
وقال لي مرة: يا فلان، والله ما قعِدَ له.
وهذا مثل يقال في المشكلة أو المسألة التي لم تجد من يبحثها ويجد حلًا لها.