ويلهج فيه وفي حال حفظه، آلى على نفسه أن يحفظ كل ليلة ورقة من كتاب الله فكان لا يتعشى حتى يحفظ تلك الورقة عن ظهر قلب وربما جاءت والدته بطعام العشاء إليه فيأبى أن يتناول شيئًا حتى يحفظ الورقة ولقد بلغت الساعة في السابعة ليلًا بالعربي وهو لم يتعش ووالدته عنده بالطعام فيأبي ويقول سلي الله أن يلهمني حفظها فلا أكل حتى أنال ذلك، ولو طلع الفجر.
ثم إنه لزم الشيخ عمر بن محمد بن سليم وأكثر الأخذ عنه والتردد على حلق الذكر بين يديه ولحسن رعاية الشيخ عمر كان يقدر له جهوده.
وكان المترجم صبورًا على المحن والشدائد وابتلاه الله فصبر لأنه كان ممتحنًا بأنواع المصائب ويرجى أن يكون له ثواب الصابرين، ولقد جرى له أن توفي أقرباؤه من زوجة وابن وأم مع ما يكابده من الحاجة، وكان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة في المنام فقال: يا رسول الله ادع الله لي فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم يديه ودعا له ثم قال مع بلوى تصيبك.
ولقد كان يجري بينه وبين أحبابه وزملائه مجاوبات حسنة من ذلك أنه بعث إليه الشيخ عبد المحسن بن عبيد يسليه ويخفف عنه بقصيدة طويلة من أبياتها قوله:
إليك إله العرش أشكو بلابلا ... أناخت بقلبي فاستبدت بفكرتي
ففرج إلهي كربتي بتفضل ... وكن بي رءوفًا يا مليكي وبغيتي
فقد حل بي ما قد علمت وماله ... سواك إله العرش فاكشف لغمتي