في ساعته قصر الإمارة وكان قبل ذلك منه جاليًا، وذلك البلد منه خاليًا، وفر من يخاف من المسلمين على نفسه من المبطلين وتفرقوا في البلدان حتى جاءهم من ربهم الصلة والإحسان، فكاتب عبد العزيز أهلها الذين خرجوا منها ونفروا هاربين عنها، وهم آل عليان أنهم يقبلون عليه ويقيمون عنده أحسن الله قصده، فأسرعوا إليه المجيء والإقدام، وقابلهم بغاية الإكرام، ورعي لهم تلك الذمام، وأقاموا في نهاية الاحتشام.
وأقام عريعر بعد ذلك في المكان بعض أيام وليالٍ ثم شمر في المسير والارتحال فارًا منها وظعن عنها، ومعه عبد الله بن حسن ذلك الأمير ولم يزل عنده في حكم الأسير حتى جاءه قضاء العظيم الكبير وحان أن يسقى ذلك الكأس المرير، وتنفذ فيه الإرادة والتقدير ويتجرع كأس الحمام بعد ذلك العز التام، فنزل به في أرض الخابية السَّام فخر من ذلك المقام السّام وضمه ضيق اللحود وصار آكلة للدود، بعد القنا والقنابل ومسايرة الجيوش والجحافل، وهذه سنة الله في جميع المخلوقات والعبيد، ومفاجأة الحمام بغتة لذوي البأس العتيد، وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد (١).
وفيها أيضًا غزا سعود متع الله تعالى به المسلمين فسار يريد بريدة ومعه آل عليان الذين خرجوا منها هاربين، فجد إليهم المسير فلما وصل إلى قرب البلد ولم يشعر به من أهلها أحد لكونه نزل ليلًا بساحتهم، وكان وقت هجعتهم وراحتهم، فلم يستقر به القرار في أرض تلك الديار حتى عبّا جيشه وكمينه وقام ينتظر الصباح وحينه، فحين أسفر له منير ذلك الضياء وفرغ من صلاة الصبح وقضي نهض في إنجاز ما دبَّره ومضى، وكان ولله الحمد له في ذلك السعي رضى وذلك أنه شن الغارة عليهم صباحًا فلم يخرجوا إليه كفاحًا ولم