يجدوا دون الحصار في البلد صلاحًا، ولا ألفوا دونه مراحًا مع أنهم لم ينالوا من ذلك فوزا ولا نجاحًا.
فأقام المسلمون على البلد أيامًا وكل يوم يقع بينهم قتال ومُرامي، فلما أعيا المسلمون أمرها وجهد أهل البلد حصارها وحصرها ولم يبالوا بما نالوا من الضرر والأضرار، ومنازلة تلك الجموع والحصار اقتضى رأي سعود أن يبني تجاههم للمسلمين حصنًا يكون لهم ثغرًا وأمنًا، فأمر ببنائه فيني تلك الأيام وزيد في بنائه بجودة الإحكام، ووضع فيه عدة من أهل الإسلام أميرهم عبد الله بن حسن.
ثم رجع سعود ومن معه إلى الوطن وأقام أهل ذلك القصر فيه، وكل يوم يشنون الغارة على أمير بريدة وتونيه وبقوا أيامًا لا تسرح لهم سايمة ولا تبقى لهم عين نايمة وبوادر الحرب كل يوم عليهم قائمة، وفرسان ذلك الثغر لاستيلائهم دائمة.
فلم يجد أميرها راشد الدريبي من الأسباب إلا بعثه إلى جديع بكتاب يستعينه ويستنجده فلم يكن إلى ما يريده يسعده، فرجع منه الرسول بخيبة المأمول.
فلما جد به الحصار والضيق وضاق عليه مناهج التسديد والتوفيق لم يجد إلى سلامة عمره منهجًا ولا طريق سوى أخذ الأمان على عمره وحاق به شؤم غدره ومكره، فأرسل إلى عبد الله بن حسن يطلب لنفسه خاصة الأمان وخروجه من تلك الأوطان، فأعطاه عبد الله ذلك بإعلان وبادر إلى مواجهة عبد الله بذلة وهوان، ودخل عبد الله بن حسن وجماعته البلد فقتل من قوم الدريبي كل من عثر عليه ووجد، فقتل في ذلك اليوم والحين من أولئك الجماعة نحو الخمسين، واستولوا على جميع ما فيها من الأموال.
وتأمّر عليها عبد الله بعد الفراغ من تلك الحال وصارت تلك القضية وصدور هذه الموهبة السنية إنقاذا لأهل القصيم وما فيها من البرية من غمرة الضلال الوبية الرديّة، فأظهروا الإسلام ودانوا بجميع الأحكام.