إليك ربي رفعت الكف مبتهلًا ... ترد كيد العدا يا خير منتقم
وقال في رثاء أمه:
الحمد لله ذي الإحسان والقدر ... وجاعل الموت مقدورًا على البشر
يومَ الثلاثا أتتْ أخبارُ مفزعةٌ ... يا بئسَ ما سمِعَتْ أذْناي من خَبَر
سمعتَ موتَ التي بالحب تجمعُنا ... أمي لها الفضلُ ذاتُ الخير والطُّهُر
في أول الصُبْح كانت بين أعْيُنِنا ... وفي المساء مع الأمواتِ في الحفر
أكذِبُ الموتَ في أمي وأرقبها ... وأوهمُ النفسَ أن الأمَ في سفر
وقد حملناكِ نحو القبر في ألم ... يسوقنا دافعُ الإيمان بالقدر
ثم انصرفنا وكلٌ فيه مُعظلةٌ ... جاء العزاءُ وكَسْري غيرُ منجبر
من موتها ازداد قلبي في تفطُّره ... الدمعُ منسكبٌ والقلبُ في سُعر
أمَّاهُ جسمُكِ غاب اليوم عن نظري ... وفضلكِ اليومَ فينا غيرُ مستتر
أماه يا شمعة كانت تُضيءُ لنا ... وتبعِدُ الهمَّ والأحزانَ بالنظر
أماه يا رحمة كانت تحلَّ بنا ... وتجمعُ الشملَ في الآصال والبُكر
أماهُ نفديك بالأرواح إن نَفَعتْ ... وبالبنينَ وبالأزواج والدُرر
يا موتُ بالله هل أبقيت لي أحدًا ... من بعدِ أمي فعيشي اليومَ في كَدَر؟
الله أكبرُ كمْ كانتْ مصيبَتُنا ... وكمْ بكينا من الآلام والكدرِ
وكم بكينا دموعًا لا انقطاعَ لها ... وهل تردُ دموعي نافذة القدر؟
والموت حقُّ وكلٌ سوف يُدْركُه ... فرضٌ على الخلق من أنثى ومن ذكر
وكل بيت له كاسَ سيشرَبُهُ ... من المصائب والأكدار والضرر
والحيُ لو غاب فالأيام تُرجعُه ... وغائبُ الموتِ لا يأتي من الحُفَر
قد ماتَ أفضلُ خلق الله كلِّهمُ ... الموتُ حقّ كما في سورة الزمَر
أحدِّثُ النفسَ أني سوف أنظرها ... فيضربُ القلبُ من شوق إلى النظر
وأغمضُ العينَ كي أحظى بنظرتها ... عسى خيالٌ يريحُ القلبَ عن فِكَر
إذا رأيتُ مكانًا فيه قد جلست ... تفطر القلبُ من ذكري ومن أثر