لمسجد الجردة من الثلث وليس من غلة الدار أربعين وزنة للإمام عشرين وللمؤذن عشرين، ولم يذكر الموزون، ولكنه التمر كما هو معروف قديمًا.
وهذه العبارة اللطيفة الدقيقة التي تدل على بعد نظره وهي قوله: والوزان ثابتة ما دام النخل ثابتًا، وهذا يوحي أنه يتصور أن النخل ربما لا يثبت على الزمن أو لا تثبت غلته وهو صحيح الآن، إذ ماذا تفعل عشرون وزنة التمر وتساوي ٣٠ كيلو قرامًا سنويًا من التمر الإمام المسجد، ومؤذنه الذي لم يدر في خلد ابن فيروز وأمثاله أن المسجد سوف يزول حتى وإن كان النخل ثابتًا وغلته متوفرة.
قال: وقربة ماء بالقيظ من الثلث وقد كتبها الكاتب بالضاد (القيض)، وذلك لعدم معرفته بالضاد والظاء في هذه الكلمة، و (القربة) كما هو معروف هي ظرف للماء لا يعرفه كثير من أهل الجيل الطالع الآن، لأنه لم يعد مستعملا يملأ بالماء في الليل ويترك يبرد وفي الصباح يشرب منه الناس، إذ يكون في شارع أو ميدان يشرب منه من شاء بالمجان.
وقد ختم وصيته بالقول: إن الوكيل على ذلك والولية عليه ابنته لولوة.
ومن الملاحظ أنه قال: والولية عليه، لأن الولاية على الوقف هي الصحيح، وأما الوكالة عليه فإنها اصطلاح لعوام الكتبة ليس صحيحًا لهذا المعنى، وقد أعطى ابنته (لولوه) الحرية في التصرف في وجوه البر مما لم يذكره، تصرفه عليه من أعمال الطاعة أي طاعة الله تعالى، وذلك مرادف لقولهم في أعمال البر.
والشاهد على هذه الوصية المهمة سليمان الحريِّص وسبق ذكر الحريص في حرف الحاء، وتاريخ الوصية في ١٧ صفر عام ١٢٣٣ هـ أي سنة حرب الدرعية وهي بخط الشيخ عبد الله بن صقيه الذي صار بعد ذلك قاضيًا في بريدة.