وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعانٌ لا تُمسكُ ماءً ولا تُنبتُ كلأ، فذلك مثلُ من فقه في دين الله ونفعهُ اللهُ به، فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسله به".
إلى أن قال.
قال النووي عفا الله عنا وعنه: إن من أهم العلوم تحقيق معرفة الأحاديث النبويات أعني معرفة متونها، صحيحها وحسنها وضعيفها وبقية أنواعها المعروفات، ودليل ذلك أن شرعنا مبنيٌّ على الكتاب العزيز والسنن المرويات، وعلى السنن مدار أكثر الأحكام الفقهيات فإن أكثر الآيات الفروعيات مُجملاتٌ وبيانها في السنن المحكمات، وقد اتفق العلماء على أن من شروط المجتهد من القاضي والمفتي أن يكون عالمًا بالأحاديث الحكميات، فثبت بما ذكرنا أن الاشتغال بالحديث من أجل العلوم الراجحات وأفضل أنواع الخير وآكد القربات.
ثم قال بعد أن نقل كلامًا للسيد صديق حسن خان:
لهذا ولما وقفت عليه من كلام أهل العلم في مصطلح الحديث، من أن كشف العلة والشذوذ في الحديث أمر صعب جدًّا لا يقوى عليه كل باحث أو مشتغل بالحديث، وأنه يستحسن في حق الباحث في الأسانيد أن يقول في نهاية بحثه عن مرتبة الحديث (صحيح الإسناد) أو (حسن الإسناد) ربما يوجد حديث آخر يعارضه في معناه وسنده أقوى فيكون الحديث الذي حكم عليه بالصحة شاذًا أو ربما اكتشف في الحديث علة غامضة لم يستطع الباحث اكتشافها.
وبالنسبة لقوله عن الحديث (ضعيفٌ) ربما يوجد لراويه متابعٌ، أو له شاهد يقويه ويجبره فيرتقي إلى مرتبة (الحسن لغيره).
فدار في خلدي وسنح في خاطري (مسند الإمام أحمد) وما حوى من الأحاديث المتفرقة التي يصعب على بعض المتعلمين تناولها.