وإذا علم هذا فليعلم أيضًا أن مما ليس له أصل في الشريعة يرجع إليه فهو بدعة سيئة وضلالة، وإن كان صاحب البدعة يريد الخير وقد أنكر ابن مسعود وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما ما هو دون بدعة حفل تحفيظ القرآن الكريم.
وعده ابن مسعود بدعة وإن كان في الظاهر حسنًا.
فعن عمرو بن سلمة قال كنا قعودًا على باب ابن مسعود رضي الله عنه بين المغرب والعشاء فأتى أبو موسى رضي الله عنه فقال اخرج إلينا أبا عبد الرحمن فخرج ابن مسعود رضي الله عنه فقال أبا موسى ما جاء بك هذه الساعة؟ قال لا والله إلا أني رأيت أمرًا ذعرني وإنه لخير ولقد ذعرني وإنه لخير قوم جلوس في المسجد وهو يقول سبحوا كذا وكذا، احمدوا كذا وكذا، قال فانطلق عبد الله وانطلقنا معهم حتى أتاهم فقال ما أسرع ما ضللتم وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياء وأزواجه شواب وابنته لم تغيرا، احصوا سيئاتكم فأنا أضمن على الله أن يحصي حسناتكم" وفي رواية فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد وهو يقول لقد أحدثتم بدعة ظلماء أو لقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علمًا.
وإذا كان ابن مسعود وأبو موسى قد أنكرا على الذين يجتمعون للذكر وعدّ التكبير والتهليل والتسبيح بالحصى وعد ابن مسعود رضي الله عنه فعلهم من البدع فكيف بالذين يقيمون الاحتفالات كل عام وشهر وأسبوع ويجتمعون لذلك فهؤلاء أولى بالإنكار عليهم، وأن يعد فعلهم من البدع الظلماء والهلكة والضلالة العمياء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رغب عن سنتي فليس مني".
فصل:
ومما ينبغي التنبيه عليه أن أصحاب الاحتفالات لا يسلمون من المنكرات كالرياء وهو الظاهر من فعلهم وقولهم وحرصهم على نيل الجوائز والشهادات حتى إن بعضهم ينتفخ أوداجه ويحمر وجهه حال قراءته وهذا من التنطع والتكلف.