عاد إلى بريدة وأخبر (قني) بالواقع، فسأله عن رفقته، فقال: فلان وفلان وعدهم فشك قني في اثنين منهم، وأرسل إلى أحدهم ابنه وقال له: يقول لك الوالد أبيك إذا صليتم المغرب انتظرني عند باب دكاني - ثم قال للثاني مثل ذلك، وعندما اجتمعا في عتبة دكانه الذي كان مغلقا، وكان مختبئا بداخله سأل أحدهما الآخر عن الغرض الذي من أجله طلبه قني، وقال للآخر: وش يبي بنا (قني)؟
فأجاب صاحبه: ما أدري، قال الأول: خلك صاحي لا يكون يبي يسألنا عن الكمر لكن لا يأخذ منك ولا كلمة تراه يبي يطلع منك كلام فاحتد صاحبه وقال: أنا ما يأخذ مني كلام، ولكن أنت لا تبين له شيء.
وكان قني يسمع كلامهما من داخل الدكان فخاطبهما من داخله وأعطاهما المفتاح من تحت الباب وقال: افتحا الباب ثم قال لهما: لقد سمعت كلامكما فأحضرا الكمر مع كل ما فيه من الجنيهات ونستر عليكم، وإلَّا علمت الأمير يحبسكم ويقطع أيديكم، فأعطوه إياه.
حدث الرسيني ولا أعرف اسمه كاملًا، قال: اشتريت وأنا و (قني) ثمرة تمر في الصباخ لأجل السقمة وهي التمر الذي يدخله المرء في بيته يخزنه بالجصة للسنة كلها الطعام الغداء، ولا غداء لهم إلَّا التمر، لذلك يحرصون عليه، قال: وبينما كنا نقسم التمر مهتمين به وحانت لحظة الإسهام عليه أو التخيير في القسمة وإذا بقني ينظر إلى جادة عنيزة التي تباري الصباخ ويذهل عني ثم يسرع ذاهبا إليها فناديته: يا أبو صالح - وراك؟ تعال نقسم، فقال دون أن يقف: اعلمك بعدين.
ثم ذهب وترك الرسيني.
وبعد فترة طويلة من الوقت، دخل الرسيني أثناءها من الصباخ إلى بريدة، مؤجلًا قسمة التمر، رأى (قني) فلامه على تركه وإهماله، فقال له قني: الله يسلمك لقيت (صوغ أهل عنيزة) والصوغ هو الحلية من الذهب التي تلبسها النساء، وذلك أن البسام، أو قالوا: السليم إحدى أسرة عنيزة سرق لهم حلي كثير