ويحضره خالي ويستمع إليه أبي وعلى شيخ قريب منا جعلني أقاوم التهيب الذي كان هو طابع علاقة الصبيان والفتيان بكبار القوم على وجه العموم، وبالمشايخ وطلبة العلم على وجه الخصوص.
والأهم من ذلك في نفسي حينما كنت صغيرًا أنه كان يشجعني على القراءة، وكان يثني علي إجادتي للعبارات، وكان يذكر ذلك لوالدي رحمه الله فيبتهج به، ويذكره لي.
وأذكر أن والدي قابله مرة فسأله وأنا أسمع قائلا:
وش لون الحميدي - تصغير محمد - يقصدني - يا المطوع عسى قرايته زينة؟
ولم يخاطبه بكلمة شيخ لأن الناس في ذلك الوقت لم يتعودوا على إطلاق كلمة شيخ إلَّا على قاضي البلد أو من كان قد تولى القضاء.
فكان جوابه أن قال:
يا أبو محمد، حنا نستفيد من محمد الله يصلحه.
وكان يقصد بذلك أنه وقد ضعف بصره لطول عمره يستفيد ممن يقرأ عليه الكتب لأنه يسمعه ما يود سماعه منها عن طريق قراءته.
وكان هذا قولًا فوجئ به والدي لأنه كان يظن من قبل أن (المطوع) سيمن علينا بجلوسه لنا للقراءة، ولكن هكذا أخلاق العلماء.
كان الشيخ صالح الكريديس حافظًا لكتاب الله تعالى مجودًا لتلاوته حفظ عليه القرآن طائفة من أهل العلم في شمال بريدة حيث كان يسكن.
وكان يصلي في رمضان تاليًا القرآن الكريم في سنوات نشاطه حفظًا عن ظهر قلب، ثلاث ختمات في شهر رمضان، وليس ختمتين كما يفعل أكثر أئمة المساجد في ذلك الحين.