كما يأكلون عصبه لأن تلك العظام لا يكون بقي عليها إلا العصب، أما الهبر والشحم فإن القصاب يكون أخذه وباعه.
وهذا العصب الذي يكون في قوائم البعير يقال له (بخص) ولا يمكن أكله إلا إذا طبخ طبخًا إضافيًا، لأن الطبخ الذي ينضج لحم البعير لا ينضجه، وذلك الطبخ يحتاج إلى حطب بطبيعة الحال، والحطب غالٍ لأنه يجلب من أماكن بعيدة، فصار بعضهم يجمع العظام القديمة منها عظام بعض الجيف ويوقد بها تحت القدور التي فيها البخص، فيكون للعظام عندما توقد بها النار رائحة كريهة ودخان منعقد كثيف يؤذي الناس مثلما تؤذي رائحته.
فأراد شيخنا الشيخ صالح الكريديس أن يعظ أولئك الذين يوقدون بالعظام على البخص فتكلم بعد صلاة المغرب وكنت حاضرا الصلاة، ولكنني كنت صغيرًا فسمعت والدي يكرر رواية وعظ الشيخ على الذين لم يحضروها.
ابتدأ الشيخ ابن كريديس موعظته بأن ذكر أن الرسول من الرسل الأولين قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يبعث إلى قومه خاصة.
أما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فهو خاتم الأنبياء وهو مرسل إلى الناس عامة، وليس إلى قومه من قريش وحدهم، بل كان رسولًا للثقلين الجن والإنس، كما في القرآن الكريم، أنه استمع نفر من الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث أن جن نصيبين وهي بلاد تقع شمالًا عن بلاد الشام جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه الزاد لهم ولدوابهم، فذكر لهم أن زادهم العظام وهي طعام لهم يجدون على العظم، أو قال في العظم ما يكفيهم وأما دوابهم فإن طعامها ارواث الدواب.
ثم قال بصوت مرتفع، ولذلك ها الناس اللي يوقدون بالعظام يؤذون