للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستغرق في تساؤله .. يتطلع إلى ملامح وجوههم الحزينة .. أقدام .. الشمس التي تصهر رؤوسهم العارية .. إنه يتأمل .. يتألم فأمام عينيه مشهد مثوى جدته التي غادرت دنياها .. وأمام ذاكرته حديث خاله قبل أن يرحل.

وأرى جموع الناس ترفل بالأسى

وأظل أنصت للعذاب بداخلي

كالقبر ينصت للسنين ..

(ترفل) مفردة لا تتناسب والأسى .. أنسب منها كلمة (تشعر بالأسى) ... مشهد طغت عليه المباشرة وكثافة الوصف يفتقر إلى رسوم الصورة الموحية بمضامينها .. هي أشبه بالقبر الذي ينصت للسنين .. نسافر معًا إلى نقطة النهاية بعد أن تجاوزنا لعدة محطات وددت لو توقفت عندها .. إلَّا أن مدة الرحلة وساعاتها أزفت على النهاية .. ولأن السفر مع شاعرنا أحمد اللهيب ممتع رغم نبعه الحزين المتدفق اخترت مقطوعة (مسافر) فكلنا على سفر:

أواه لو تبصرين اليوم ما يجد ... مسافر هذه التحنان والكمد

يعيش بالأمل الباقي ويطرده ... حزن من البعد ما يفني له مدد

غفى على مركب الترحال يصحبه ... سر إلى منهج العلياء يطرد

(غفى) صحتها (يغفو) ونحن جميعًا معك في رحلتك عيوننا ما برحت ساهرة .. وسائرة نحو نهاية المطاف.

من حوله مهرجان العيد ما نزحت ... عنه الديار وغني حوله غرد

المدمع الحب ميعاد يمزقه ... لكل ما لاح برق هدّه برد

معذب في هواك كلما خطرت ... له خواطر من ذكراك يبتعد