والغالب أن يوضع في المسجد القريب أو في بيت الوصي وهو الذي يسمونه الوكيل على تنفيذ الوصية، ولم يذكر هنا مكان وضع الفطور المذكور، ربما كان ذلك من أجل أن يدفع في المكان الذي يراه الوصي.
ثم كرر ذلك اللفظ الغريب، (ذكوره) فقال: والباقي يخرج على ذكوره عياله وعيال عياله، أي للأبناء الذكور من ذريته.
إن تخصيص الذكور في بعض الوصايا والأوقاف عندهم لا يقصد منه حرمان البنات، ولكن المجتمع والشرع يلزمان القائم على أمر المرأة بنفقتها سواء كانت أمه أو ابنته أو أخته، إذا لم يكن لها من ينفق عليها، وكان أخوها غنية بخلاف الولد الذكر وهو الابن فإنه ملزم بالإنفاق على غيره إذا استطاع.
ثم ذكر تلك العبارة المألوفة، وهي أن أولاده يأكلون ولا حرج عليهم.
وهذه العبارة أيضًا كانت واضحة في أذهان الناس في القديم ولكنها صارت تحتاج الآن إلى توضيح، فالمراد من أكلهم من دون حرج أنهم يأكلون من ريع هذا الثلث ولو لم يمكن تنفيذ الوصية كاملة بأن قصر المال عن أن يتسع لأكلهم والتنفيذ ما جاء في الوصية، ولذلك، قال: فإن أغناهم الله فعلى ما يورون به القربة.
وهذه العبارة لها مدلول عظيم وهو أنه يتسامح مع أولاده بأن يتصرفوا بما فيه التقرب إلى الله من هذه الوصية، لأنه قال: على ما يورون أي على ما يرون من ذلك.
وذلك بخلاف ما كان يفعله أكثر الموصين الذين لا يبيحون لذريتهم التصرف بما يرون فيه المصلحة والتقرب إلى الله بما يخلفونه من الوصية.