ومن ذلك مكرمة موجهة إلى والدي كان والدي يذكرها ويشكر محمد المسفر عليها ويقول لي ويكرر قوله: احرص يا ولدي على رفقة الرجال الطيبين لأن رفقة محمد المسفر نفعتنا.
وملخصها أن جدي عبد الرحمن العبودي رحمه الله كان من المعروفين بالاشتغال بالسياسة والقرب من آل مهنا أهل بريدة، ولذلك كان من الساعين المعروفين للجميع بأنه ضد عبد العزيز بن رشيد، قبل وقعة الطرفية التي تعرف عند بعض الناس بوقعة الصريف، فلما انتصر ابن رشيد على أهل بريدة وكان من زعمائهم بل من أكبرهم عبد الرحمن الربدي وآل مهنا، فتواري جدي عن الأنظار فترة لأن ابن رشيد إن قبض عليه أذاه كأمثاله، فإما أن يقتله، أو يكلفه بدفع مال لا طاقة له به، وإما الحبس الطويل، وفي هذه الأثناء وقبل ذلك بقليل كان احتاج بعض النقود فأخذ من أصدقاء له بمثابة السلف وثمن سلع، وكلهم صديق له ومنهم محمد المسفر.
قال والدي: ثم سافر والدي إلى الكويت متخفيًا هربًا من حكم ابن رشيد ومرض بعد أن استولى الملك عبد العزيز ومعه أهل بريدة على بريدة وطردوا منها رجال ابن رشيد في عام ١٣٢٢ هـ، وهي التي يسمونها سنة السطوة، ولذلك بقي في الكويت مريضًا، وأرسل إليَّ يقول: أنا يا ولدي مريض ما أدري أنت تلحق عليَّ أو ما تلحق عليَّ وأحب أشوفك قبل ما أموت.
وقد سافر والدي استجابة لذلك إلى الكويت فوجد جدي مريضًا فبقي معه أربعة أشهر حتى توفي في آخر عام ١٣٢٣ هـ ودفن في الكويت، وعاد والدي إلى بريدة، قال والدي: وكان الذين لهم عليه نقود هم أصدقاؤه لذلك لم يذكروا شيئًا من جهة هذا الدين الذي عليه حتى مضت على ذلك سنتان أو أكثر وسمعت أن من عليه دين فإنه يطوق به في قبره حتى يوفى عنه دينه.