خواطرهم لمن له ابن صغير، ولم يعش له ابن قبله بإعطاء الأبن شيئًا من النقود، أو من الشرط بمعنى الهبة للصغير كما كانوا يسمونها، وأذكر أنني في تلك الحالة أعود إلى البيت مع والدي و (مخباتي) مثقلة بالنقود النحاسية التي هي البيشلية أو القطعة والريال آنذاك هو ١٨ بشيلية.
فكان والدي لا يتركني إذا دخلت البيت حتى يقول لي: عط القروش أمك، يخشي أن تضيع مني، ولا يستسيغ أن يأخذ منها شيئًا، لأن أمي تحفظها لي عندها.
أما محمد بن مسفر فإنه أعطاني مقدارًا من الحلوى المقرطسة أي الملفوفة بقرطاس وهي ما لم نعرفه نحن ولا غيرنا من قبل، فالحلوى عندنا هي التمر ولا نعرف حلوى غيره، ومع الحلوى ريال فرانسي فضي ثقيل الوزن بالنسبة إلى كفي الصغيرة، إذ كانوا يضعون النقود في كف الطفل أو مخباته لا يعطونها والده، لأن والده أكبر قدرًا من ذلك ويقولون: هذي فراحة للولد أي من أجل أن يفرح بها.
كان دكان محمد بن مسفر في غربي سوق بريدة الذي كان السوق الرئيسي في البيع والشراء.
وكنت غبت عنه سنوات طويلة فتحول البيع والشراء عنه إلى أسواق جديدة بل لكثرة الأسواق والدكاكين التي نشأت في بريدة.
وعندما تفقدته في عام ١٤٢٠ هـ لأعرف حال دكاكين التجار والأثرياء والمشاهير الذين كنت أعرفهم في شبابي بحثت عن دكان محمد المسفر فوجدته قد صار صغيرًا في عيني بعد أن صار الطابع على المحلات التجارية هو السعة ورأيت في دكان محمد المسفر رجلًا يبيع نعالًا لا تزيد بضاعته كلها عن ألف ريال.
فقلت: سبحان الله أبعد محمد المسفر ووجاهته وثروته يكون في دكانه صعلوك يبيع النعال؟