أقول: لقد طلب شيخنا الشيخ صالح السكيتي العلم في الرياض فأدرك منه ما أدرك مثلما أدرك ما أدرك في القصيم مما أهله للقضاء فتولى القضاء في ناحية المذنب ثم عين مدرسًا في المعهد العلمي في بريدة بعدما افتتح المعهد في عام ١٣٧٤ هـ.
وحدثني الشيخ فهد بن عبد العزيز السعيد، قال: ذهبت لطلب العلم في الرياض وأسكنني المشايخ في مكان أسموه الرباط: (رباط دخنه)، وكان الملك عبد العزيز قد أمر بفتح مضيف وهو المكان الذي يطبخ فيه الطعام، ويقصده الجائعون، يسمي مضيف خريمس وطعامه من الأرز الخالي من الإدام، فطلبنا أن يشفع لنا أحد المشايخ لدى المسئول عن ذلك (المضيف) وكنا خمسة فوافق واستأجرنا شخصًا معروفًا الآن، بل مرموقًا من ذوي الثروات الواسعة على أن يحضر لنا عشاءنا من هذا المضيف الذي لا يطبخ إلَّا العشاء، لأن الناس لم يكونوا يعرفون أكل الطعام المطبوخ إلَّا في العشاء وأما في النهار فإنه التمر.
قال: وكانت الاتفاقية معه على أن يعطيه كل واحد منا روبية فضية واحدة في الشهر وهي عملة هندية فضية، وذلك قبل أن توجد العملة الفضية السعودية.
قال: فكان يحمل خمس أوانٍ، يجمعها في زبيل من الخوص على رأسه ويحضرها من البطحاء حيث مقر المضيف إلى دخنة بخمس روبيات في الشهر.
قال: والطعام هو أرز مطبوخ من دون إدام، وقد تصدق علينا بعض المحسنين مرة فأعطانا قليلًا من السمن كنا نضع قليلًا منه على العشاء حتى نستسيغ أكله وهضمه.
ولكن ذلك الزمن ولى وأبدلنا الله، ولله الحمد والمنة، به زمنًا، بل أزمانًا من الخصب والدعة، والسعة في الرزق.
ولو كان قيض لأولئك العلماء من يسجل أحوالهم بأصواتهم، ويطلع على خبايا أمورهم في نشأتهم وطلبهم العلم لما خفيت حالهم على أهل هذا الجيل