الذين صاروا لا يعرفون عن أحوال أجدادهم فضلًا عن أجداد أجدادهم إلَّا ما يدخل في دائرة الأساطير المشوشة.
لا شك في أن الزمن يسير، ولا ينتظر المنتظرين، وهو في سيره يمحو بعض آثار الأشخاص كما يمحو أشخاصهم من الوجود الدنيوي، ولذلك يكون من الأهمية بمكان أن قام الدكتور محمد المشوح بمغالبة الزمن للاحتفاظ ببعض ما يتعلق بأولئك العلماء مسجلا بأصواتهم.
ولكي نتمثل أهمية عمل الدكتور محمد المشوح نتصور ما كان قبل مائتي سنة أو ثلثمائة سنة من أحوال بعض العلماء، بل وحتى أحوال بعض الحكام الذين وإن كان التسجيل الصوتي غير موجود فإن التسجيل بالقلم موجود، لو أتيح لهم رجل طلعَة محب للبحث ومقدر له كالدكتور المشوح يسألهم ويكتب أحوالهم عنهم بقلمه، ويسجل كل ذلك على الورق.
لا شك في أن عمله سيكون عملًا عظيمًا، وأن التاريخ سيسجله له في سجل المآثر.
وفي زمننا مع وجود الرواتب والمخصصات وتسجيل الوظائف فإن كثيرًا من الناس يصعب عليهم الوصول لها إلَّا إذا كانت مرتبة مبوبة كما يصعب عليهم، بل يستحيل أن يجدوا فيها تسجيلات صوتية لأولئك العلماء تبين أحوالهم وتوضح شأنهم، ومن المهم أيضًا أنها تعطي إلى درجة ما فكرة عن تفكيرهم وعن ترتيب الجمل في كلامهم إلخ.
لقد عرفت أن أخانا وصديقنا الدكتور محمد المشوح كان يسافر للقاء بعض المشايخ والعلماء إلى أماكنهم في مدن المملكة، ويظل وقتًا يتحين الفرصة لبدء التسجيل معهم، وكلنا نعلم ازدحام أوقات علمائنا وكثرة الذين يحيطون بهم من مستفتين ومن طلاب حاجات، ولقاء العالم لمثل هذه الأمور أسهل من لقائه للتسجيل بصوته يذكر فيه معلومات عن ولادته ونشأته وكيفية طلبة العلم.