وغيرها من مستلزمات الحياة فقد أوكل إليه مهمة الإشراف على جميع المزارع الخاصة بوالده وإدارتها لوحده وتوفير كافة متطلبات الزراعة وتزويد التجار المتعاملين مع الوالد من خارج المنطقة بالمنتجات الزراعية.
قابلت أحدهم في أحد الأيام وكان شيخًا هرمًا وبتعريف نفسي له أخذ يبكي بحرقة حتى أشفقت عليه، وسألته عن سبب بكاءه فقال لي ما مفاده: لن أنسى الأيام السعيدة التي قضيتها مع والدك صالح العبد العزيز رحمه الله، لقد كان صاحب خلق عال وعواطف نبيلة وسرد جملة من القصص والمواقف التي تؤكد معايشته له عن قرب ومدى ارتباطه الوثيق بحياة العمال ومساعدته لهم وتفريجه لهمومهم وقضاياهم.
لقد كان رحمه الله يمتاز بالحلم والأناة والصبر والقدرة على التحمل والإيثار على الذات، والبعد عن الثأر للنفس كما كان متواضعًا في حياته الخاصة لأقص درجات التواضع.
ولعل أبرز خصلة كان يمتاز بها هي البر والوفاء المتناهي لمن حوله من أقاربه حيث كان بارًا بوالده بدرجة بنسي معها نفسه، يهجر النوم والفراش مع مرض والده ويباشر الإشراف عليه بتطبيبه وتقديم الخدمات العلاجية له رافضًا أن يتيح لنفسه حالة التقزز خاصة مع إصابة والده رحمه الله ببعض الجروح المنتشرة في أغلب جسده نتيجة حساسية مفرطة في جلده، بل إنه كان يسعى لجلب الفرح والسعادة والسرور لوالده قدر استطاعته.
أما والدته رحمها الله فقد توفيت وهو صغير ولم يلحق بخدمتها، وبعد وفاة والده حزن عليه حزنًا شديدًا حتى أثر ذلك على صحته فيما بعد، على أنه لم يبق بعد وفاة والده سوى فترة قصيرة لا تتجاوز الست سنوات تقريبًا عاش معظمها مع مرضه الذي أصابه.