يذكر لي أحد أبناء عمي أنه عند قرب زواجه ذهب لوالده رحمه الله وطلب منه أن يساعده على تكاليف الزواج فقال له اذهب إلى عمك صالح يقول: رحمه الله فذهبت إلى عمي صالح ولن أنسى الموقف الذي أخذ بيدي للسوق واشتري لي ملابس بما فيها المشلح وقال لي ارجع لوالدك وخذ منه ما وعدك به.
بل أن تلك المعونات تخرج عن إطار الأسرة لتساند جار للأسرة فقير أو عامل محتاج انقطعت به السبل.
يروى أن أحد جيران مزارع الصباخ جاءته زوجته لتخبره بأنه قد انقطع الماء الذي يغذي مزرعتهم من بئر المشيقح فقال لها، لقد توفي الشيخ صالح العبد العزيز وهو لم يعلم بوفاته بوفاته وإنما ربط ذلك بغياب اهتمام الوالد صالح رحمه الله.
أما عن أسلوبه في تربيته لأولاده وفن التعامل معهم فكان أسلوبًا فريدًا متميزًا ينم عن حكمة وعقلية واعية ومدركة لطبيعة الشباب وخصائصهم، فقد سلك أسلوبًا يقوم على مبدأ غرس الثقة واحترام الذات وعلى توجيههم على الاعتماد على النفس، فرغم أنه كان يملك القرار بمنحهم المبالغ والإمكانات بسهولة ورغم أنه كان يدعم المحتاج من أولاد إخوته كما سبق إلَّا أنه لم يمارس هذا الأسلوب مع أبنائه بسبب قوة الورع ومحاسبة الذات، بل كان يوجههم على الاعتماد على النفس في النفقة حتى أنه التحق في آخر حياته ثلاثة من أبنائه بالوظائف الحكومية وكان لا يتدخل في وظائفهم أو أنشطتهم أو صداقاتهم ولا يرض أن يتدخل أحد في قراراتهم وحياتهم العملية.
كان رحمه الله صاحب رؤية سديدة بالرجال ومعرفة باتجاهاتهم وقدرة على استقراء بعض سلوكياتهم، كما جمع في سلوكه وشخصيته بين متفاوتين، فقد كان مهابًا إلى أقصى درجات الهيبة رغم رقة مشاعره وعاطفته الجياشة وتواضعه.