للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"واقع الحال هو أن تجربة اليابان المعاصرة شدت انتباه العالم من حيث رسوخها واستطاعتها في السير بتؤدة وجد وعزيمة وإصرار وبما فيها من دروس وعبر وعظات تستطيع الأمم الأخرى أن تفيد منها إذا انصرف مفكروها وباحثوها من المهتمين بتطور الأمم وتقدمها إلى التوقف عندها بكثير من الإدراك والتعمق خصوصًا ما تفردت به الأمة اليابانية بأنها بنت مجدها، وأقامت صروح صناعتها، وطورت مجتمعها، وارتقت بإنتاجية إنسانها، وجعلت فعاليته مضربا للمثل ونموذجا يحتذى من حيث عشقه للعمل وحرصه المتناهي على التفاني فيه، فعلت اليابان كل ذلك دون أن تفرط قيد أنملة في خصائص مجتمعها وقيمه ومبادئه وتعاليم فلاسفتها الروحانيين.

ولعل أبرز ما يميز الدراسة التي بين أيدينا هو أن المؤلف سبق أن نشر عدة دراسات سابقة عن اليابان فجاعت دراسته الجديدة هذه إضافة نوعية إلى مجمل الدراسات السابقة له، حيث أفرد جهده للتصدي للإجابة عن سؤال محوري، وهام، استغرق جل صفحات دراسته هذه ليجيب عنه وهو: هل تملك اليابان زمام الريادة؟

ومن الإنصاف القول إن إجابة المؤلف على ذلك السؤال لم تأت اعتباطًا أو تحيزًا أو تعاطفًا مع اليابان الذي عشق تجربتها التنموية، وغاص في ثناياها، بل جاءت الإجابة مؤهلة بمنهجية ومدعومة بعمل علمي، كما أنه عززها بأرقام ومعلومات تعكس قناعته الذاتية بأن اليابان تمسك بزمام الريادة العالمية في مجالات عديدة من أبرزها التطور التقني العظيم الذي وصلت إليه وليس آخرها الصناعات الدقيقة والحساسة، ولا نظمها التعليمية المتقدمة والسقف العالي الذي ارتقت إليه ثورة المعلومات وتقنيتها ونظمها وإداراتها في اليابان.

ويحسب لهذا الكتاب ومؤلفه الطرح الموثق والنهج العلمي الذي رصد ما قامت به الأمة اليابانية المعاصرة من جهود للوصول ببلدها إلى ما وصلت