للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركوبه على الجمل إلى المدينة كمافي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَهُ فَدَعَا لَهُ فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ، قُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ فَبِعْتُهُ فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ وَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِي قَالَ: مَا كُنْتُ لِآخُذَ جَمَلَكَ فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ فَهُوَ مَالُكَ) (١). أما استثناء المجهول فهو مثل أن يستثني مدة غير محددة أو مساقه غير معينة فهذا لا يجوز لحديث (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَعَنْ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ) (٢).

س: كيف يجمع بين نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الاستثناء وبين استثنائه ظهر جمل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-؟

جـ: جمع العلماء بين الحديثين أن الاستثناء المنهي عنه هو الذي فيه جهالة والاستثناء الجائز هو الاستثناء المعلوم.

[جواز البيع بالمزاد العلني أو "الحراج"]

س: ما قولكم في البيع بالمزاد العلني أو (الحراج)، وهل هناك مذاهب تجوِّزه؟

جـ: المذاهب الإسلامية كلها جوَّزت البيع بالمزاد العلني أو (الحراج) ودليلهم بيع النبي -صلى الله عليه وسلم- متاع الرجل الفقير الذي جاء يسأل الناس وباع النبي متاعه بالمزاد العلني واشترى له فأساً ليحتطب به ويأكل من ثمن الحطب، لفظه (أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ، قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ) (٣) في هذا الحديث دليل على جواز البيع بالمزاد العلني.


(١) - صحيح البخاري: كتاب الشروط: باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز. حديث رقم (٢٧١٨) بلفظ (حَدَّثَنِي جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا، فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَهُ فَدَعَا لَهُ فَسَارَ بِسَيْرٍ لَيْسَ يَسِيرُ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ، قُلْتُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: بِعْنِيهِ بِوَقِيَّةٍ فَبِعْتُهُ فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ وَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى إِثْرِي قَالَ: مَا كُنْتُ لِآخُذَ جَمَلَكَ فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ فَهُوَ مَالُكَ).
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، والترمذي في النكاح، والنسائي في البيوع، وأبو داود في البيوع، وابن ماجة في النكاح، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
(٢) - سنن النسائي: كتاب البيوع: باب النهي عن الثنيا إلا أن تعلم. حديث رقم (٤٦٤٧) بلفظ (عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَعَنْ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ) صححه الألباني في صحيح النسائي بنفس الرقم.
أخرجه البخاري في البيوع، ومسلم في البيوع، والترمذي في البيوع، وأبو داود في البيوع، وابن ماجة في التجارات، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
معاني الألفاظ: المحاقلة: بيع الطعام في سنبله بالقمح. … المزابنة: بيع ثمر النخل بالتمر، وبيع العنب بالزبيب كيلاً.
المخابرة: زراعة أرض الغير على أن يكون الأجر بعض محصولها. … الثنيا: هي استثناء شيئ مجهول في عقد البيع.
(٣) سنن أبي داود: كتاب الزكاة: باب ما تجوز فيه المسألة. حديث رقم (١٦٤٠) بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ، قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ) ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داوود برقم (٦٤١).
أخرجه الترمذي في البيوع عن رسول الله، والنسائي في البيوع، وابن ماجة في التجارات، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
معاني الألفاظ: الحلس: كساء يجلل ظهر الدابة. القعب: إناء. القدوم: آلة للنجر والنحت. النكتة: الأثر أو النقطة.
الدقعاء: التراب ومدقع: شديد، أي سوء احتمال الفقر. المغرم: الدين الذي يعجز عن أدائه، ثقيل وكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>