للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله وذمة رسوله حرم الله عليه ريح الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين خريفا) ً ومن قتل معاهداً فعليه ديته، وأما إذا كان الكافر هو الذي قتل المسلم فإنه يقتل به لأن أدلة مشروعية القصاص لم تفرق بين أن يكون القاتل مسلماً أو كافراً وهي كلها تدل على أن القاتل الكافر يقتل لقتله المسلم إذا كان القتل عمداً عدواناً، وإنما لم يقتل المسلم بالكافر لأنه قد ورد دليل خاص بعدم قتله وهوحديث (ولَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) فكان الدليل على عدم قتله مخصصاً لعموم أدلة القصاص، وفي قتل الكافر بالمسلم عمداً لم يرد دليل تفصيل وبقي على أصل أدلة العام الدالة على القصاص بل إن الأدلة تدل على قتل الكافر بالمسلم بفحوى الخطاب لأنه إذا كان المسلم يقتل بالمسلم إذا كان القتل ظلماً عداوناً فبالأولى إذا كان القاتل كافراً.

[لا يقتل حر بعبد]

س: هل إذا قتل الحر العبد يقتل به؟

جـ: اختلف العلماء في ذلك فمن العلماء من قال يقتل الحر بالعبد لعموم قوله تعالى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (١) ومن العلماء من قال لا يقتل الحر بالعبد وهو الشوكاني، ولم ينص على هذه المسألة في كتاب الدراري المضية لأنها مسألة خلافية وليس فيها نصوص وإنما هي مسالة اجتهادية، أما إذا قتل العبد الحر فالعبد يقتل بالحر بالإجماع.

إهدار القصاص في حالة إثبات القاتل أن قتله للمقتول كان دفاعاً عن نفسه

س: متى يهدر القصاص؟

جـ: إذا ثبت أن القاتل ما قتل المقتول إلا دفاعاً عن نفسه.

س: إذا هاجمني لصوص أو قطاع طريق في منطقة خالية بعيدة من الناس ثم تبادلنا إطلاق النار فقتلوا واحد منا أو قتلنا واحداً منهم فهل ينطبق علينا الحديث الذي يقول (إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار) (٢) إذا كان ينطبق علينا فكيف أدافع عن نفسي أو على من معي وإذا قتلت في هذه المعركة هل أنا شهيد؟

جـ: من المعلوم أن قتل المسلم للمسلم حرام اللهم إلاّ َإذا كان دفاعاً عن النفس بحيث أن المسلم المعتدي عليه لا يتمكن من النجاة بنفسه من المعتدي عليه بأيِّ شيء غير القتل دفاعاً عن نفسه فلا مانع له من الدفاع عن نفسه بالقتل لقوله تعالى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ولحديث (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ) (٣)، أما إذا كان من الممكن رد الاعتداء بجرح المعتدي في رجلة أو في عضو من أعضائه التي لا يكون جرحها مميتاً فيقدم المعتدي عليه عليه الضرب


(١) سورة المائدة: آية (٤٥)
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الإيمان: باب قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما). حديث رقم (٣٠) بلفظ (عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟!! قَالَ: إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ).
أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، والنسائي في تحريم الدم، وأبو داود في الفتن والملاحم، وابن ماجة في الفتن، وأحمد في مسند البصريين.
أطراف الحديث: الديات، الفتن.
(٣) - سنن أبي داود: كتاب السنة: باب في قتال اللصوص. حديث رقم (١١٧٣) بلفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم.
أخرجه الترمذي في الديات، والنسائي في تحريم الدم، وابن ماجة في الحدود، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>