للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: الإمام حاكم ومتابعة الإمام واجبة بالإجماع، فلا يخالف ما هو اجب بالإجماع من أجل ما هو خلافي ولكن لا يشق عصا المسلمين في الصلاة، وابن مسعود -رضي الله عنه- صلى في مكة خلف عثمان الرباعية أربعاً وكان يقول صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين وبعد أبي بكر وعمر ركعتين ولكنه كان يصلي خلف عثمان أربعاً ويقول كرهت مخالفة الجماعة، فالصحابة كانوا يتنازلون عن بعض الأشياء حفاظاً على الوحدة والجماعة.

[المشروع أن تتوالى الصفوف وتتقارب من بعضها البعض]

س: هل المشروع أن تتوالى الصفوف أو يجوز أن يبقى بينها فواصل ومسافات كبيرة؟

جـ: المشروع أن الصفوف تكون متوالية وتسوية الصفوف وسد الخلل واجبان لحديث (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي) (١) لكن ما يحدث في بعض جوامع صنعاء القديمة من تكوين صفوفاً متأخرة في مؤخرة المسجد وبعضها في وسط المسجد وبينها فواصل كبيرة فهذا خلاف المشروع.

[عدم مشروعية إقامة صفوف متباعدة وفي أماكن متفرقة في صلاة الجماعة]

س: في أحد الأيام أديت فريضة العصر جماعة بالجامع الكبير بصنعاء فلاحظت أن المؤتمين في صفوف متفرقة ولم ألاحظ أن الصفوف كاملة بل لاحظت أن الصفوف موزعة على جميع الأجنحة ويوجد فراغ في الصفوف التي تلي الصف الأول أفتونا في هذه المسألة جزيتم عنا خيراً؟

جـ: اعلم أن ما شاهدته في الجامع الكبير بصنعاء من عدم إكمال الصفوف الأولى ومن تفرق الصفوف على عدة أماكن في صرح الجامع المذكور وفي جميع أروقته هو خلاف ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من الترغيب في الصف الأول الوارد في حديث سمرة الذي حكى لنا بأن النبي خرج على أصحابه فقال: لهم (أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ) (٢) كما في صحيح مسلم وغيره بل ورد الأمر منه -صلى الله عليه وسلم- بذلك حيث قال في حديث أنس بلفظ (أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ) (٣) كما في سنن النسائي وغيرها ولذلك كان لازماً على من يصلون في صرح الجامع الكبير والجناح الغربي والشرقي والمؤخر أن لا يتقوقع كل واحد منهم في محله المعتاد وألا يشكل صفاً في الصرح أو في الجناحين إلا بعد إكمال الصفوف التي في مقدمة الجامع، ويدل


(١) صحيح البخاري: كتاب الجماعة والإمامة: باب إقبال الإمام على الناس ثم تسوية الصفوف. حديث رقم (٦٨٧) بلفظ (حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي).
وفي باب تسوية الصفوف. حديث رقم (٦٨٥) بلفظ عن النعمان بن بشير قال قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم).
معاني الألفاظ … تراصوا تلاصقوا بغير خلل
(٢) صحيح مسلم: كتاب الصلاة: باب الأَمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة باليد، ورفعها عند السلام، وإِتمام الصفوف الأُوَل والتراصّ فيها والأمر بالاجتماع. حديث رقم (٦٥١) بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَرَآنَا حَلَقًا فَقَالَ مَالِي أَرَاكُمْ عِزِينَ؟ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ).
أخرجه النسائي في الإمامة، والسهو، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في مسند البصريين.
معاني الألفاظ: شمس: جمع شموس وهي الدواب التي تتحرك ولا تستقر. عزين: متفرقين لا يجمعهم مجلس واحد.
(٣) سنن النسائي: كتاب الإمامة: باب الصف المؤخر. حديث رقم (٨٠٩) بلفظ (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ).
أخرجه البخاري في الأذان، ومسلم في الصلاة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: الإمامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>