للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفار مكة فلما قدموا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك الدعاء، كما كان يدعو على رعلٍ وعصية وذكوان العاصين لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وغير ذلك من الأدلة المذكورة في كتب السنة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، واحتج القائلون بمشروعية القنوت لصلاة الفجر فقط سواءً كان الوقت وقت نازلة أم لا بحديث (مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا) (١) ولكن قد أجاب عنهم الفريق الثاني الذين لا يقولون بمشروعية القنوت إلا عند النوازل بأن حديث (مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا) غير صالح للاحتجاج، والمسألة من المعارك العلمية التي لا يحوم حول حافتها إلا الأبطال ولا يجول في ميدانها إلا الفحول من الرجال.

[عدم مشروعية مسح الوجه باليد عقيب الدعاء في الصلاة]

س: هل يشرع مسح الوجه باليد في الصلاة بعد الدعاء، أم أنه غير مشروع؟

جـ: اعلم بأنه لا يجوز مسح الوجه باليدين بعد الدعاء في أثناء الصلاة لعدم وروده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا قولاً ولا فعلاً ولا تقريراً، وأما خارج الصلاة فقد ورد فيه حديث اختلف العلماء في صحته فمنهم من ضعفه ومنهم من صححه.

[مشروعية التورك في التشهد الأخير في الصلاة التي فيها تشهدان]

س ما قول العلماء في التورك في الجلسة الأخيرة من الصلاة؟ وهل هو سنة؟

جـ اعلم أن التورك في التشهد الأخير من الصلاة الثلاثية أو الرباعية مشروع وردت به الأحاديث الصحيحة، منهاحديث (وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ) (٢)، وأما في الصلاة الثنائية فلا يشرع فيها التورك بل المشروع فيها نصب الرجل اليمنى وفرش الرجل اليسرى لنص الحديث (فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى)، ويدل على ذلك أحاديث التورك والتورك لا يصح إلا في الصلاة ذات التشهدين.

س: ما هي هيئة الافتراش أوالتورك في الصلاة؟

جـ: المشروع للمصلي أن ينصب الرجل اليمنى ويفترش اليسرى فيما بين السجدتين أو في التشهد الأوسط،، أما في التشهد الأخير فلا مانع له من هذه الكيفية لكن الأرجح هو (التورك) وهو أن يطرح وركه على الأرض


(١) - مسند الإمام أحمد: مسند أبي هريرة: -رضي الله عنه- حديث رقم (١٢٦٧٩) بلفظ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا).
انفرد به أحمد.
معاني الألفاظ: يقنت: يدعو قبل الركوع أو بعده.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب سنة الجلوس في التشهد. حديث رقم (٨٢٨) بلفظ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَنَّهُ، كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْنَا صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ)
أخرجه الترمذي في الصلاة، والنسائي في السهو، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند الأنصار، والدارمي في الصلاة.
معاني الألفاظ: حذاء: جانب وموازاة. المنكب: مابين الكتف والعنق. … هصر: حفض وثنى. فقار: مفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>