للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له) (١) أو كان سيشوش على المصلين ولو بتلاوة القرآن فإنه حرام شرعاً لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمن يجهر بالقراءة (أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاج رَبَّهُ فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ) (٢) فإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينهي عن رفع الصوت بالقرآن فكيف بمن يتكلم بما لا يفيد، وقد يكون جائزاً إذا لم يشوش على المصلين ولم يشغل من يذكر الله بعد الصلاة.

س: هل يستحب لداخل المسجد لأداء الصلاة أن يلقي تحية الإسلام (السلام عليكم) على المصلين الجالسين لانتظار إقامة الصلاة أو أن يدخل ويكتفي بدعاء دخول المسجد فقط علماً بأنني سمعت من أحد العلماء بأنه لا يستحب إلقاء تحية الإسلام على داخل المسجد بل يكتفي بدعاء الدخول؟

جـ: اعلم بأن إلقاء تحية الإسلام وهي السلام على من كان في المسجد من الداخل إلى المسجد مشروع كسائر المحلات والأماكن التي يدخل إليها الإنسان وفيها أناس جالسون لم يكونوا في حال الصلاة، ومن ادعى عدم المشروعية فعليه أن يبرز الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة، وأين هو هذا الدليل؟.

[تحريم طرد الصبيان من المساجد]

س: هل حديث (جنبوا صبيانكم ومجانينكم مساجدكم) حديث صحيح أم أنه غير صحيح؟ علماً بأن سادن المسجد يقوم بطرد الأطفال من المسجد، فهل عمله هذا مشروع أم أنه غير مشروع؟

جـ: اعلم بأن الحديث الذي يأمر الناس أن يجنبوا المساجد الصبيان ليس من الأحاديث الصحيحة وإنما هو من الأحاديث الضعيفة ضعفاً شديداً إن لم يكن موضوعاً حتى قال البزار عنه (لا أصل له) وفي سنده الحارث بن نبهان وهو أحد الرواة الذين لا تقبل روايتهم لكونه كان ممن اتفق الحفاظ على ضعفه، وقد ذكر معنى ذلك بعض المتأخرين ممن ألَّفَ في الموضوعات كـ (الملا على القاري) في (الأسرار المرفوعة) والشوكاني في (الفوائد المجموعة) والألباني في (ضعيف الجامع الصغير) وغيرهم وكما نص على عدم صحته ممن ألَّف في الأحاديث المشهورة على الألسنة مثل السيوطي في (الدر المنتثرة) ومعاصره السخاوي في (المقاصد الحسنة) وتلميذ السخاوي الديبع في (تمييز الطيب من الخبيث) ومن جاء بعدهم ممن ألف في الأحاديث المشهورة كالعجلوني في (كشف الخفاء) والبيروتي في (أسنى المطالب) وغيرهم وأيدهم من علماء العصر الألباني في (ضعيف الجامع الصغير) والشيخ محمد الصبيان في تعليقاته على مختصر المقاصد الذي ألفه الزرقاني وفي تعليقاته على الأسرار المرفوعة وقد شذ الزرقاني في قوله (بأنه حسن لغيره) حيث لا دليل يؤيد هذا الحديث الذي يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه بأن يجنب الناس مساجدهم من الصبيان حتى يكون هذا الدليل شاهداً لهذا الحديث ومسوغاً للحكم عليه بأنه حسن لغيره بل جاء في كتب السنة ما يدل على خلاف ما دل عليه هذا الحديث وهو دخول الصبيان المسجد النبوي في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وباطلاعه -صلى الله عليه وسلم- وعلمه وتقريره وعدم إنكاره كما في حديث دخول حفيدته (أمامة بنت أبي العاص بن الربيع) وهي بنت ابنته زينب رضي الله عنها والحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم بلفظ (خَرَجَ


(١) - صحيح مسلم: كتاب المساجد: باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد. حديث رقم (٥٩٦) بلفظ (عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا نشد في المسجد، فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له).
أخرجه ابن ماجة في المساجد والجماعات، وأحمد في باقي مسند الأنصار.
أطراف الحديث: المساجد ومواضع الصلاة.
(٢) سنن أبي داود: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- بتصحيح الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم (١٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>