على المرأة الأجنبية مقروناً بالمصافحة فهو غير مشروع، وهكذا نقول الإسلام يحرِّم الخلوة بالأجنبية على كل مسلم ليس زوجاً لها ولا محرماً، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ) وحديث (وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) فإذا كان السلام من الرجل على المرأة مجرداً عن الخلوة بها فهو مشروع وإن كان السلام مقروناً بخلوة أو سيكون للاجتماع في خلوة أو سبباً لحصول فتنة فهو ممنوع، كما نقول إن السلام من الرجل على المرأة مشروط بالا يحصل على المسلم تهمة أو إساءة ظن بالرجل الذي سيسلم على المرأة الأجنبية سواءً كان الذي سيسئ الظن به من يراه من الناس والذين يعتادون عدم السلام على المرأة الأجنبية من الذي مر من عندها أم سيكون سوء الظن به من المرأة الأجنبية التي لا تعتاد السلام من الرجال الأجانب عند أن يمروا من عندها، أما إذا كان السلام من الرجل على المرأة سيؤدي إلى حصول تهمة أو إساءة ظن من الذين سيشاهدون ويسمعون السلام أومن المرأة نفسها فإن السلام منه عليها والحالة على هذه الصفة غير مشروع، لأن السلام من حيث هو مسنون ورفع التهمة عن المؤمن بسوء الظن به واجب عليه، فإذا كان المسنون من فعله سيتعارض مع واجب فالواجب ترك المسنون، والدليل على هذا ما جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتكف في رمضان في المسجد فجاءت زوجته (صفيه) إلى المسجد زائرة له فحينما رجعت من عنده وخرجت من المسجد قام النبي -صلى الله عليه وسلم- معها إلى باب المسجد كالمودع لها فلما رآه بعض الصحابة يتكلم معها تقدموا نحوه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (على رسلكما، إنها صفيةُ بنتُ حُيَيّ. فقالا: سبحانَ اللهِ يا رسولَ اللهِ، قال: إن الشيطانَ يجري من الإنسانِ مَجرى الدمِ، وإني خَشِيتُ أن يَقذِفَ في قلوبكما سوءاً، أو قال: شيئاً).
قال العلماء فيه دليل على أنه يشرع للإنسان أن يرفع عن نفسه التهمة ممن يخشى منه سوء الظن نتيجة لأيِّ عمل قد يظن بعض الناس أنه غير جائز شرعاً أو تكون صورته صورة المحرم شرعاً، هذا بالنسبة إلى الرجل الذي سيسلم على المرأة الأجنبية، أما بالنسبة للمرأة هل ترد عليه أم لا؟ فالجواب عليه: إن المشروع على المرأة رد السلام على كل من يسلم عليها مطلقاً سواءً كان المسلم عليها امرأة أو رجلاً قريباً أو رجلاً أجنبياً لقوله تعالى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ … فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ … عَلَى كُلِّ … شَيْءٍ حَسِيبًا}(١)، ولكن إذا كان المسلِّم عليها رجلاً أجنبياً فلا بد أن يكون الرد خالياً عن كل شيء يؤدي إلى الفتنة، وألا يكون فيه مصافحة ولا خلوة، ولا لمس، ولا اختلاط وألا يحصل بسببه سوء ظن من أحد، للأدلة المذكورة آنفاً، أما إذا كان الرد مقروناً بشيء من هذه الأشياء فالأولى تركه.
[جواز السلام أو رد السلام على المرأة الأجنبية]
س: توفي عمي (أخو والدي) وله تسع بنات ولم يوجد له أولاد ونحن الأقرب لزيارة البنات، هل يصح السلام عليهن والزيارة؟