للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب العقيدة

[تحريم التوسل بالأولياء والصالحين الأموات]

س: هل يجوز التوسل بمن يسمونهم بالأولياء إلى المولى جل وعلا الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً؟ وكذلك هل يجوز النذر لهم والتقرب إليهم بإحراق البخور ومناداتهم بأسمائهم مثل (يا جيلاني بادر بادر يا جيلاني مدّ مدّ) ويرفعون أصواتهم المنكرة قبل صلاة الجمعة حتى أنه لا يتمكن من يرغب في تلاوة القرآن من التلاوة لما ذكر، فنطلب منكم إجابةً شافيةً على هذا الاستفتاء؟

جـ: اعلم أن التوسل بالأولياء والصالحين من الأموات غير مشروع وبعبارة أصح وأعم التوسل بالمخلوق الميت إلى الخالق لا يجوز شرعاً والأدلة من القرآن على ذلك كثيرة قد ذكرتها في عدة فتاوى سابقه منها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (١)، وقوله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (٢) وقوله تعالى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (٣) وقوله تعالى {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (٤) وقوله تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٥) وقوله تعالى {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} (٦) وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٧) وقوله تعالى {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (٨) كذلك النذر لأصحاب القبور غير جائز شرعاً لأنه لا نذر إلا ما ابتغى به الإنسان وجه الله تعالى، والنذر للقبور أو لأصحاب القبور لم يبتغ الناذر به وجه الله تعالى وإنما ابتغى به وجه الميت المقبور، وطلب النفع للحي من الميت حرام لأن الميت قد انقطع عمله بمجرد موته ولا يستطيع أن يعمل عملاً ينفع به نفسه فضلاً عن قدرته على النفع لغيره ما دام وقد توفي وانقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، كما جاء في الحديث الصحيح الذي هوبلفظ (إِذَا مَاتَ الْإِنْسانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) (٩) وكيف لا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال لابنته فاطمة (يَا


(١) نها ما يأتي:
١ - الكهف: (١١٠)
(٢) - الجن (١٨)
(٣) - الكوثر: (٢)
(٤) - الزمر: (٣)
(٥) - يونس: (١٨)
(٦) - الأعراف: (١٩٧)
(٧) - الأعراف: (١٩٤)
(٨) - الزمر: (٤٥)
(٩) - صحيح مسلم: كتاب الوصية: باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته. حديث رقم (٤١٩٩) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا مَاتَ الْإِنْسانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ).
أخرجه الترمذي في الأحكام عن رسول الله، والنسائي في الوصايا، وأبو داود في الوصايا، البيوع، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في المقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>