للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ) (١) وعلى قول سيد سابق أن الميل اثنين كيلو إلا ربع كيلوه، فمسافة ثلاثة فراسخ هي عبارة عن حوالي ستة عشر كيلو متراً لا ربعاً، واعلم أن مسألة القصر في السفر رخصة والإتمام أفضل من القصر عند الإمام الشافعي وقيل بل القصر واجب لحديث (فرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ) (٢) وهو الراجح عندي.

س: هل يجوز قصر الصلاة الرباعية لمن كان مسافراً ولو كان سفره لا يتجاوز مسافته مسافة بريد أم لا؟

جـ: اعلم أن الأدلة تدل على أن من خرج من المنطقة التي يسكن فيها حتى فارق بنيانها بمسافة قدرها مثل ما بين المدينة وذا الحليفة المسمى (أبيارعلي) فيصلي قصراً لحديث (صَلَّيْتُ الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ) لأن السفر في اللغة يطلق على كل من سافر بلا قيد وبعبارة أخرى على كل من ضرب في الأرض، وأصح ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في القصرأنه قصر في مسافة البريد.

[السنة عدم صلاة السنن الرواتب في السفر]

س: هل السنن الراتبة للصلوات في السفر ما زال لها ذلك الفضل أم يرخص بتركها؟

جـ: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يصلي من السنن الراتبة إلا ركعتي الفجر والوتر والمشروع للإنسان المسافر ألا يصلي من السنن الرواتب إلا الوتر وركعتي الفجرلحديث (لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ صَلَاتِي، يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ {لَقَدْ كَانَ … لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٣).

[مشروعية إتمام المسافر الصلاة إذا صلى خلف مقيم]

س: هل يشرع للمسافر أن يصلي أربع ركعات إذا كان مؤتماً خلف من كان غير مسافر؟

جـ: السنة تصرح بأن المسافر إذا صلى بعد المقيم فإنه يتم الصلاة كما جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- عند


(١) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أنس رضي الله عنه برقم (١٠٢٧).
(٢) صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (٣٣٧).
(٣) صحيح مسلم: كتاب المسافرين: باب صلاة المسافرين وقصرها. حديث رقم (٦٨٩) بلفظ (حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قَالَ: فَصَلَّى لَنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحْلَهُ وَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ حَيْثُ صَلَّى فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا، فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: يُسَبِّحُونَ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ صَلَاتِي، يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ {لَقَدْ كَانَ … لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
أخرجه البخاري في الجمعة، والنسائي في قصر الصلاة في السفر، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة.
أطراف الحديث: صلاة المسافرين وقصرها.
معاني الألفاظ: الرحل: ما يوضع على ظهر الدابة. السبحة: صلاة التطوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>